للاستصحاب في مثله ، وذلك لأن الوجوب المتعلق بالمسح ببلّة الوضوء قد زال وارتفع يقيناً ونشك في حدوث فرد آخر من الوجوب متعلقاً بالمسح باليد اليابسة أو بالماء الجديد وعدمه ، ولا مجال للاستصحاب في القسم الثالث من الكلي على ما برهنا عليه في محلِّه (١).
الثالث : التمسك بإطلاق الأخبار الآمرة بالمسح ، لأنها وإن كانت مقيدة بأن يكون المسح بالبلة الباقية من الوضوء في اليد ، بمقتضى صحيحة زرارة وغيرها مما دلّ على اعتبار كون المسح ببلّة الوضوء ، إلاّ أن تلك المقيدات مختصة بحال التمكن من المسح ببلّة الوضوء ولا إطلاق لها حتى يشمل صورة تعذّر المسح ببلّته ، فلا بدّ وقتئذٍ من التمسّك بإطلاق ما دلّ على أصل وجوب المسح في الوضوء ، وحينئذٍ إما أن يمسح باليد اليابسة أو بالماء الجديد ، هذا.
ويمكن المناقشة في ذلك بأن الروايات التي ورد فيها الأمر بالمسح في الوضوء لم ترد في مقام البيان من هذه الجهة ولا نظر لها إلى كيفية المسح بوجه ، وذلك نظراً إلى أن المسح في الوضوء في تلك الأزمنة كعصر الصادقين عليهمالسلام كان من الأُمور الواضحة الجلية عند الجميع ، وكان يعرف كيفيته الصبيان والصغار فضلاً عن الأكابر والرجال ، بل إنما هي بصدد البيان من الجهات المختلف فيها بين العامّة والخاصّة ، كبيان أن الرجل لا بدّ من أن يمسح لا أن يغسل ، وأن الرأس يمسح مقدمه لا جميعه. إذن فلا إطلاق في الأخبار المذكورة حتى نتمسّك بإطلاقها.
نعم ، يمكن التمسك بإطلاق الآية وهو العمدة في المقام وتقريب إطلاقها أن يقال : إنها قد اشتملت على الأمر بمسح الرأس والرجل ولم يقيده ببلّة الوضوء ، بل مقتضى إطلاقها جواز المسح بالماء الجديد أو باليد اليابسة ، وإنما رفعنا اليد عن إطلاقه عند التمكن من المسح ببلّة الوضوء بمقتضى الأخبار الدالّة على ذلك ، وأما إذا لم يتمكّن المتوضئ من المسح ببلّة الوضوء ، فمقتضى إطلاق الآية المباركة جواز المسح بالماء
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ١١٤.