كالاستئذان في
العورات الثلاث ، على ما ذهب غير واحد إلى وجوبه عليه ، وكالواجبات
العقلية ومحرّماتها من المعرفة وقتل النّفس وغيرهما ، ولا شك أنه مع الشك في شيء
من ذلك لا بدّ له من إجراء أحد الأصول العمليّة ، أو متابعة القطع أو الظن المعتبر
إذا حصل أحدهما له من غير فرق بينه وبين البالغ أصلا ، فالأولى أن يكون المقسم من
كان معرضا للتكليف.
ثم المراد من
المكلّف ليس خصوص المجتهد كما توهّم ، نظرا إلى توقف
كثير من الأحكام الآتية على معرفة الأدلّة التي لاحظّ للمقلّد منها ، وعلى الفحص
الّذي تقصر يده عنه.
ويدفعه : أنّ حجية
الخبر ـ مثلا ـ لا معنى لها إلاّ إتيان ما دلّ على وجوبه أو ترك ما دلّ على حرمته
، وكذلك الاستصحاب ، لا معنى لحجيّته إلاّ الجري على طبق الحالة السابقة ، ويتمكن
منهما المقلّد تمكّن المجتهد ، ولا فرق إلاّ عدم تمكّن المقلّد من الاستظهار منه
بنفسه ، وعدم قدرته على مباشرة الفحص عن الدليل الرافع للشك ، فيقوم استظهار
المجتهد مقام استظهاره ، وفحصه مقام فحصه ، وبعد ذلك يكون كلّ منهما عاملا بهذا
الأحكام ، عملهما بالأحكام الأوّلية.
ونظير ذلك ما لو
قال الملك للرعية : اعملوا بقول الوزير ، واعتمدوا عليه في أحكامي ، وكان فيهم من
لا يعرف لغة الوزير ، فإذا ترجم العارف بلغته كلامه للجاهلين بها ، فقد تساوى
الجميع في معرفة قوله.
وإذا أمر بالفحص
عن متاع في السوق ، فإنّ للفحص طريقين : المباشرة بالنفس وإرسال الثقة لذلك ، فإذا
أخبر بعدم وجوده ، كان المرسل متفحّصا حقيقة ، وكذلك المقلّد مع المجتهد ، يكون
بمعرفته بالدليل عارفا وبفحصه متفحّصا.
__________________