( إمكان التعبد بالظن بل بغير العلم مطلقا )
وليعلم أوّلا أنّ الإمكان يطلق ـ على نحو الاشتراك المعنوي ـ على معان ثلاثة ، ويقابل كلاّ منها الامتناع بذلك المعنى.
أوّلها : الإمكان الذاتي ، وهو ما لا ينافي بذاته الوجود والعدم.
وثانيها : الإمكان الوقوعي ، وهو ما لا يلزم من فرض وجوده محذور عقلي.
وثالثها : الاحتمالي ، وهو المقابل للقطع بعدم الوجود ، وتعرف المراد منها في المقام أثناء البحث إن شاء الله.
ولا يخفى أنّ هذا التقسيم للإمكان لا يطابق الّذي ذكره علماء المعقول ، والإمكان الاحتمالي ليس من أقسامه.
المشهور : إمكان التعبّد بالظن ، وعن الشيخ أبي جعفر بن قبة (١) استحالته (٢).
واستدلّ المشهور على الإمكان بأنا نقطع بأنه لا يلزم من التعبّد به محال.
وفي الرسالة ما لفظه : « وفي هذا التقرير نظر ، إذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقول بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، وعلمه بانتفائها ، وهو غير حاصل فيما نحن فيه.
فالأولى أن يقرّر هكذا : أنّا لا نجد في عقولنا ـ بعد التأمل ـ ما يوجب الاستحالة ، وهذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالإمكان » (٣).
__________________
(١) هو محمد بن عبد الرحمن بن قبة ـ بالقاف المكسورة ، والباء المنقطة تحتها نقطة ، المفتوحة ـ الرازي أبو جعفر. متكلم عظيم القدر ، حسن العقيدة قوي في الكلام ، كان قديما من المعتزلة ، وتبصّر وانتقل ، له كتاب الإنصاف في الإمامة.
رجال النجاشي : ٣٧٥ رقم ١٠٢٣ ، خلاصة العلاّمة : ١٤٣ ، القسم الأول ، رقم ٣١.
(٢) انظر فرائد الأصول : ٢٤.
(٣) فرائد الأصول : ٢٤.