العلق (١) الثمين ، وأنّ الفاضل المنصف لا بدّ أن يعرف قدرها ، ويجعل حسن القبول مهرها ، ولا أكثرت (٢) ـ إن صحّ الظنّ ـ بجحود أولي الأحقاد والإحن (٣) ممّن قلّت في سوق العلم بضاعته ، فما ربحت فيها تجارته.
من الخفيف :
فكذا الورود فيه للناس طيب |
|
ثم فيه لآخرين زكام |
ولا أقابل المعاند المكابر إلاّ بقول الشاعر :
من الطويل :
إذا رضيت عني كرام عشيرتي |
|
فلا زال غضبانا على لئامها. |
( حقيقة الوضع )
لا شك في أنّ دلالة الألفاظ على معانيها ليست بذاتية كدلالة الدخان على النار.
فما يحكى عن الصيمري من أنّ دلالتها بالطبع (٤). فهو بظاهره وعلى إطلاقه ظاهر الفساد ـ كما يمر عليك بيانه في خلال المباحث الآتية إن شاء الله تعالى ـ بل هي بالجعل المعبّر عنه بالوضع ، ولولاه لكانت نسبة جميع الألفاظ إلى كل واحد من المعاني متساوية أو متقاربة (٥) ، لا يترجح بعضها على بعض عند استماع لفظ من الألفاظ.
__________________
(١) علق : النفيس من كل شيء. الصحاح ٤ : ١٥٣٠ ، القاموس المحيط ٣ : ٢٦٧ ، مجمع البحرين ٥ : ٢١٧ ( علق ).
(٢) أي لا أبالي. الصحاح ١ : ٢٩٠ ، مجمع البحرين ٢ : ٢٦٢ ( كرث ).
(٣) جمع إحنة. بمعنى : الحقد. الصحاح ٥ : ٢٠٦٨ ( أحن ) القاموس المحيط ٤ : ١٩٥ ( الإحنة ).
(٤) الفصول الغرويّة : ٢٣.
(٥) قوله : أو متقاربة. أقول : إشارة إلى بعض الألفاظ التي لم تكن نسبتها إلى بعض المعاني بالتساوي كلفظ الغزال ، والغضنفر بالنسبة إلى الأسد. ( مجد الدين ).