وهو بعيد عن الاعتبار » (١). انتهى.
وأنت تعلم أنّ مثل هذا إنما يتوجه على من يجعل هذه الحيثية مأخوذة في المعنى على نحو القيديّة ، ونحن لا نقول به ، ولا يقول به أحد ـ فيما أظن ـ وإنما نقول : إنّ معنى وضع اللفظ هو كشف اللفظ عن المراد كما يدل عليه لفظ المعنى ، وأين هذا من اعتباره في الموضوع له؟
ومنه يظهر مراد الشيخ والمحقق الطوسي (٢) فيما ذهبا إليه من تبعيّة الدلالة للإرادة. بل هو ـ إذا تأمّلت ـ عبارة أخرى عن القول بوضع الألفاظ من حيث كونها مرادة ، وأقصى الفرق أنّ هذا بيانه في مقام الوضع ، وذاك في مقام الاستعمال ، ولكن هذا الأستاذ حمل كلام المحقّقين على ما يليق به ويليق بهما ، وخصّ القول الآخر بحمله على ما لا يقول به من له حظّ من العلم.
( المشترك )
لا ريب في إمكان الاشتراك (٣) بين المعنيين ، بل وقوعه في الجملة ، ولا ينافي
__________________
(١) الفصول الغروية : ١٧.
(٢) قوله : مراد الشيخ والمحقّق الطوسي.
أقول : المراد بالأوّل هو الشيخ الرئيس حسين بن عبد الله بن سينا صاحب التصانيف المشهورة كالقانون والإشارات وغيرهما ممّا لا مجال لنا في ذكرها.
تولّد الشيخ الرئيس سنة ٣٧٣ ، وتوفّي جمعة شهر رمضان ، وكان يكنّى بـ ( أبي علي ).
والمراد بالثاني هو الخواجة نصير الملّة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، المتوفى سنة ٦٧٢.
( مجد الدين ).
(٣) الاشتراك على قسمين : الأوّل : الاشتراك اللفظي وهو أن يكون اللفظ مشتركا بين المعنيين فما زاد ، بوضعين فما زاد ، وهو المراد عند الإطلاق في كتب الأصول.
الثاني : الاشتراك المعنوي وهو أن يوضع اللفظ لمعنى جامع لفردين أو الأفراد ، وهذا ليس باشتراك في الحقيقة ، ولم يكن له إلاّ وضع واحد.
والمراد من قولهم : المجاز خير من الاشتراك. هو الاشتراك اللفظي لا المعنوي ، فافهم. ( مجد الدين ).