الطريق ، ومع قيامها يرى نفسه معذورا وإن توي (١) المال وهلك العيال.
( الأصل عدم حجية الظن ـ ما خرج عن هذا الأصل )
لا شك أن الأصل عدم حجّية كلّ ما شك في حجّيته بالمعنى الّذي عرفت ، وأمّا بمعنى الالتزام والتعبّد به ـ كما ذكره الشيخ (٢) ، وأطال القول فيه في مواضع شتّى ، واستدلّ على حرمته بالأدلّة الأربعة ـ فعلى غموض في معناه ـ كما سبق في مبحث القطع ـ فهو أمر لا يهمّنا الآن البحث عنه ، فإنه بمباحث الفروع أشبه ، وبها ألصق.
وما خرج عن هذا الأصل أو قيل بخروجه أمور.
أولها : ظواهر الألفاظ ، لا بدّ في معرفة مراد المتكلّم من إحراز كونه في مقام الإفهام ، ولازم ذلك أن يقصد ظاهر كلامه الّذي يفهمه المخاطب ، ويجري على متعارف المحاورات الجارية بين أهل لغة التخاطب ، فإذا خالف ذلك يكون ناقضا لغرضه ، ونقض الغرض لا يقع من حكيم ، بل ولا عاقل ، فإذا خالفت الإرادة الاستعمالية الإرادة الجدّية ، وإن شئت قلت : قصد المعنى المجازي ونحوه من اللفظ ، أو أراد من اللفظ المشترك غير الّذي ينصرف إليه من المعاني ، أو من المطلق بعض أفراده ، أو غير ذلك ممّا يخالف متعارف المحاورات ـ فلا بدّ له من نصب القرينة على المراد الواقعي ، فمع القطع بعدمها يقطع بالمراد ، ومع احتمالها تدفع بالأصل ، بمعنى عدم اعتناء العقلاء بالاحتمال ، أعني أنّ الحجّة تتم عندهم ، ولا يرون مجرّد الاحتمال قاطعا لها ، ومانعا منها ، وهذا معنى حجّية الظواهر.
( خلاف المحقق القمي طاب ثراه )
ولا فرق في ذلك بين من قصد إفهامه وبين غيره بشهادة اتفاق العقلاء
__________________
(١) توي المال : ذهب فلم يرج. لسان العرب ١٤ : ١٠٦ « توا ».
(٢) راجع فرائد الأصول : ٣٠ وما بعدها.