عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (١).
وعبرت روايات أُخرى عن النفس الإنسانية التي يسعى الشيطان بوحيه إليها بالقلب ، فعن ابن عباس : « ما من مولود يولد إلّا على قلبه الوسواس ، فإذا عقل فذكر الله خنس ... » (٢).
وما في تفسير العياشي .. عن سليمان بن خالد قال : ( سمعت أبا عبد الله : الإمام الصادق عليهالسلام ) يقول : « إنّ الله إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدّده ، وإن أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ عليه مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضلّه .. » (٣).
وعبر الشيخ المفيد عن محلّ إلقاءات الشيطان ( بأقصى أسماع الإنسان ) فالشياطين يوسوسون إلى أوليائهم بما يلقونه من الكلام في أقصى أسماعهم فيُخَصُّون بعلمهم دون سواهم (٤).
ويتبين من هذا عمق ما للشياطين من قدرات وقوى ( يتوصلون بها إلى تغيير النفوس والقذف فيها بما يستدعونها ) (٥). وهذه الصلة الوثيقة للوحي الشيطاني بالنفس الإنسانية ومحاولاته إلقاء أحابيله إليها جعلت بعض المفسرين يقول بأن الشيطان الحقيقي هو النفس ، فالفخر الرازي يرى أن ما يأتي به الشيطان هو الوسوسة والتزيين والدعوة ، ولا سلطان له إلّا في ذلك
________________
(١) سورة ص : ٣٨ / ٧٧ ـ ٨٣.
(٢) جامع البيان / الطبري ٣٠ : ٢٢٨.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٣٧٩.
(٤) تصحيح الاعتقاد ( شرح عقائد الصدوق ) / الشيخ المفيد : ٢٥١.
(٥) الفصل في الملل والأهواء والنحل / ابن حزم ٥ : ١٣.