الحالة العضوية ( الشدّة
في التلقّي ) والوحي الذي هو ظاهرة نفسية يمثل الطابع الخارجي المميز للوحي ) (١). فرغم ما في تلقّي الوحي من شدّة نجد
النبي صلىاللهعليهوآله
يتمتّع بِتَحفُّز نفسي وصفاء إدراكي متجرّد عن كلّ ما يخدش مرآة نفسه الصقيلة المستعدّة لتلقّي الوحي ، ونجده في النهاية وبعد أن تمرّ به الظاهرة صفحة بيضاء طُبِعَت فيها نصوص الوحي على أجلى صورة يقول صلىاللهعليهوآله
بعد حالة مواجهته الملك أثناء نومه في حراء «
... فهَبَبْتُ من نومي فكأنها كُتِبَت في قلبي كتاباً »
(٢). وختاماً لهذه المسألة وبملاحظتنا ما روي
من روايات تصور عملية بدء الوحي وتكرّر حالاته طوال مدّة نزوله لا نجد على الإطلاق أية إشارة إلى أن النبيّ صلىاللهعليهوآله
وَجَد أثناء تلقّيه للوحي حالة ضعف جسدي أو هبوط في مدركاته النفسية التي يتسلّح بها في تلقّيه للوحي تصل إلى الدرجة التي حاول بعض الباحثين وخصوصاً من المستشرقين تصويرها. ٥ ـ
إنّ مَلك الوحي بقي ملازماً للرسول صلىاللهعليهوآله
متابعاً لما أوحاه إليه يستعيده معه ويتدارسه ، وكانت عملية مراجعة النص المُوحى تتم مرّة كلّ سنة في شهر رمضان ، حيث يأتيه مرّة كلّ ليلة كما تشير الرواية الواردة عن ابن عباس إذ يقول : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقى جبريل ، وكان جبرئيل عليهالسلام
يلقاه في كلّ ليلة من رمضان فيُدارِسه القرآن » (٣). ________________
(١) الظاهرة القرآنية : ١٨٠ ( بتصرّف ).
(٢) سيرة ابن هشام ١ : ٢٥٢.
(٣) حلية الأبرار / السيد هاشم البحراني ١ : ٢٩٥ / ١ باب (٣٧).