ـ ومنه ما يمكن التصرف فيه بالتعبير عنه مما لا يدخل ضمن النص القرآني الكريم كهذه الحالة التي رواها الرسول صلىاللهعليهوآله في الرواية السابقة.
هذا .. وهناك روايات أُخرى في اشكال وحي الملك (١) ، وقد أعرضنا عنها لعدم وجودها في تراث أهل البيت عليهمالسلام ، مع اختصاص العامة بروايتها ، فضلاً عمّا فيها من تساؤلات وإشكالات.
بإنعام النظر في ما يحيط بالوحي المحمدي وما يحمله من خصوصية متعددة العناصر نستشف ملامح علاقة خاصة بين المُوحي وهو الله تعالى والمُوحىٰ إليه وهو النبي صلىاللهعليهوآله وواسطةُ الوحي جبريل عليهالسلام. هذه الملامح المتعددة تشكل سمات مميزة تطبع الوحي المحمدي القرآني بطابع خاص يميزه عن كل وحي سابق عليه ، وهذه الملامح الرئيسية يمكن إجمالها في الآتي :
١ ـ تأكيد القرآن غالباً إجمالاً أو تفصيلاً على هذه الأبعاد الثلاثة المكونة لمعادلة الوحي : المُوحي ، والمُوحىٰ إليه ، والواسطة. وهذه الأبعاد لاتزيد ولكنها قابلة لفقدان أحد أطرافها وهو في كل الحالات الواسطة فقط وذلك حين يكون الوحي بطريق الإلهام والقذف في القلب مباشرة منه تعالى إلى النبي صلىاللهعليهوآله.
فنحن في الوحي المُلقى بواسطة جبريل نلمس دائما دلائل مُبَيِّنة لمصدر الوحي ، حيث أن الملك يتلقى الوحي من الله تعالى ـ بالوحي إليه أيضاً أو
________________
(١) اُنظر : سيرة ابن هشام ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، ومدارج السالكين / ابن قيم الجوزية ١ : ٣٩ ، وصحيح البخاري ١ : ٦.