فاللفظ سبب ذاتي لوجود المعنى.
وبعبارة أخرى : إن المعنى لازم ذاتي للفظ ، واللازم الذاتي ـ كما ذكرنا في بحث القطع ـ هو المحمول الخارج عن الذات اللازم لها بحيث يستحيل تخلّفه عنها ، فعلاقة اللفظ بالمعنى كعلاقة النار بالحرارة ، فكما أنّ الحرارة لازم ذاتي للنار ، كذلك المعنى لازم ذاتي للفظ ، وهذا يقتضي استحالة تخلّف انخطار المعنى عند إطلاق اللفظ لأن ذلك خلف الذاتيّة الواقعة بينهما.
والجواب على هذه النظريّة :
هو أننا بالوجدان نرى أن انخطار المعاني من الألفاظ يحتاج إلى اكتساب ، فغير العالم بالأوضاع اللغوية لا ينقدح في ذهنه المعنى عند إطلاق لفظه وما ذلك إلا لأن تصوّر المعاني عن الألفاظ مفتقر إلى دراسة الأوضاع اللغوية وهذا ما ينافي الذاتية المدعاة ، إذ أن الذاتية تقتضي كفاية تصوّر اللفظ لانقداح المعنى في الذهن ، كما هو الشأن في سائر اللوازم الذاتية بالنسبة لملزوماتها.
وبهذا اتّضح فساد هذه النظرية التي تبنّاها مجموعة من الأدباء.
إنّ العلاقة الواقعة بين اللفظ والمعنى نشأت عن الأوضاع اللغوية وذلك أن الواضع يضع لفظا بإزاء معنى من المعاني فيكون هذا الوضع سببا في نشوء هذه العلاقة وانتقال ذهن السامع إلى المعنى حين إطلاق اللفظ.
وإذا كانت العلاقة ناشئة عن الوضع فهذا يعني أن هذه العلاقة اعتباريّة وليس لها واقع وراء اعتبار الواضع.
ومع اتّضاح هذا نقول : إنّ مجموعة من الأعلام « رضوان الله تعالى