في الواقع توسعة وتخييرا ، لكنّهم صلوات الله عليهم أمروا الشيعة عند بعدهم عن الحرم بخصوص التمتع بالعمرة إلى الحجّ ، لمصالح معلومة لهم صلوات الله عليهم.
ويظهر ذلك أيضا من رواية أحمد بن الحسن الميثمي أنّه سأل الرضا صلوات الله عليه وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه ، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في الشيء الواحد ، فقال عليهالسلام : إنّ الله حرّم حراما وأحلّ حلالا ، وفرض فرائض ، فما جاء في تحليل ما حرّم الله أو في تحريم ما أحلّ الله ، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بيّن قائم بلا ناسخ نسخ ذلك ، فذلك ما لا يسع الأخذ به ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن ليحرّم ما أحلّ الله ولا ليحلّل ما حرّم الله ، ولا يغيّر فرائض الله وأحكامه ، كان في ذلك كله متّبعا مسلّما مؤدّيا عن الله ، وذلك قول الله : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ ) (١). فكان عليهالسلام متّبعا لله ، مؤدّيا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة.
قلت : فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله ممّا ليس في الكتاب وهو في السنّة ثم يرد خلافه ، فقال : كذلك قد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن أشياء نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله ، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله ، فوافق في ذلك أمره أمر الله ، فما جاء في النهي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهي حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك ، وكذلك فيما أمر به ، لأنّا لا نرخّص فيما لم يرخّص فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّ لعلّة خوف ضرورة. فأمّا أن نستحل ما حرّم رسول الله أو نحرّم ما استحل رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا يكون ذلك أبدا ، لأنّا تابعون لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، مسلّمون له ، كما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله تابعا لأمر ربّه مسلّما له ، وقال الله عزّ وجلّ : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٢).
وإن رسول الله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة ، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين ، ثم رخّص في ذلك للمعلول وغير المعلول ، فما كان عن رسول الله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال
__________________
(١) الإنعام ٥٠ ، يونس ١٥.
(٢) الحشر ٧.