عدوها في آثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمن من مأمنه والفرج من عنده.
عليكم بالتسليم والردّ إلينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم. فلو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد صلىاللهعليهوآله لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكارا ، ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقته إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابكم. إنّ الناس بعد نبي الله صلىاللهعليهوآله ركب الله به سنة من كان قبلكم ، فغيّروا وبدّلوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم إلاّ وهو منحرف عمّا نزل به الوحي من عند الله.
فأجب ـ رحمك الله ـ من حيث تدعى إلى حيث تدعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا. وعليك بالصلاة الستة والأربعين ، وعليك بالحجّ أن تهلّ بالإفراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكّة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلبت الحجّ عمرة أحللت إلى يوم التروية ، ثم استأنف الإهلال بالحجّ مفردا إلى منى ، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة ، فكذلك حجّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا ، أن يفسخوا ما أهلّوا به ويقلبوا الحجّ عمرة.
وإنّما أقام رسول الله صلىاللهعليهوآله على إحرامه ليسوق الذي ساق معه ، فإنّ السائق قارن ، والقارن لا يحلّ حتى يبلغ هديه محلّه ، ومحلّه المنحر بمنى ، فإذا بلغ أحلّ. فهذا الذي أمرناك به حجّ التمتع ، فالزم ذلك ولا يضيقنّ صدرك.
والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحجّ ، وما أمرناه به من أن يهلّ بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ، ولا يخالف شيء منه الحقّ ولا يضادّه ، والحمد لله رب العالمين (١).
فإنّ الظاهر من هذه الرواية أنّ ما أمر به أبو عبد الله عليهالسلام زرارة هو الذي أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه الذين لم يكونوا مقيمين في الحرم ومن حاضري المسجد الحرام ـ كما عبّر عنهم في الكتاب الكريم ـ فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بالإهلال بالحجّ مع نية الفسخ عند قدوم مكّة ، والذي أمر به أبا بصير هو التمتع بالعمرة إلى الحجّ ، كما عليه الفتوى. ولعلّه كان
__________________
(١) رجال الكشّيّ : ١٣٨ ، البحار ٢ : ٢٤٦.