الوجدان وهذه المعرفة بالمعاينة.
ويمكن الاستشهاد في هذا المقام بما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة المرويّة عن الاحتجاج : هو الدالّ بالدليل عليه ، والمؤدّي بالمعرفة إليه (١). فالفقرة الاولى إشارة إلى المعرفة بالآيات ، والثانية إلى معرفته بذاته تعالى.
تنبيه
تلك الخصوصيّات من التجلّي على قلوب المؤمنين ـ كما ذكرنا ـ إنّما تحصل في بعض الأحيان من غير اختيار ، كما أنّها تحصل للمؤمن والكافر عند الشدائد في بعض الأحيان أيضا ، وبها تتمّ حجّته على جميع خلقه ، كما مرّ.
ويناسب هنا ذكر روايتين :
فعن تحف العقول في رواية سدير عن الصادق صلوات الله عليه : تعرفه وتعلم علمه وتعرف نفسك به ، ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك ، وتعلم أنّ ما فيه له وبه ، كما قالوا ليوسف : أإنّك لأنت يوسف؟ قال : أنا يوسف وهذا أخي ، فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره ، ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهّم القلوب ... الخبر (٢).
وفي التوحيد عن أبي عبد الله صلوات الله عليه : من زعم أنّه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك ، لأنّ الحجاب والمثال والصورة غيره ، وإنّما هو واحد موحّد ، فكيف يوحّد من زعم أنّه عرفه بغيره ، إنّما عرف الله من عرفه بالله ، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنّما يعرف غيره ، ليس بين الخالق والمخلوق شيء ، والله خالق الأشياء لا من شيء ... (٣).
ولعلّ دون هذه المرتبة من المعرفة والوجدان الظاهر معرفة ووجدان يعبّر عنه بروح الإيمان لا يخلو منه المؤمن غالبا إلاّ في حال المعصية ، فإنّه يسلب عنه حينئذ ثمّ يعود ،
__________________
(١) البحار ٤ : ٢٥٣ ، عن الاحتجاج.
(٢) تحف العقول ٣٢٨.
(٣) التوحيد ١٩٢ ، وعنه البحار ٤ : ١٦١.