نحن فيه الكلام في صورة عدم وجود قرينة أو الشكّ فيها ، ولو تنازعا في صورة الشكّ في وجود القرينة فالأصل عدمها.
وبناء على ما ذكرنا لا يبقى وجه للوجه الثاني ، لحكومة الأمارات على الأصول العمليّة وإن كانت تنزيليّة ، كالاستصحاب المدّعى في المقام.
ثمَّ إنّه لا يقال : إنّ استصحاب بقاء حقّ المحيل على المحال عليه لا يجري على كلا التقديرين ، سواء كان المراد من لفظ « أحلت » الذي قاله للمحتال هي الحوالة أو الوكالة. أمّا الأوّل فواضح. وأمّا الثاني فلأنّه وكيلا في قبض حقّ المحيل ، والمفروض أنّه قبضه فلا يبقى شكّ في بقاء حقّ المحيل على المحال عليه كي يستصحب ، لأنّه على تقدير الوكالة ليس وكيلا في قبض حقّ المحيل ، بل وكيل في قبض مقدار من المال ، فيمكن بقاء الحقّ في عهدته ، ويكون ما يأخذه الوكيل دينا في ذمّة الموكّل.
نعم إذا كان حقّ المحيل الموكّل على المحال عليه مع دينه منه بتوسط الوكيل مساويا في الجنس والنوع والصفة والمقدار ، فيتهاتران قهرا.
الصورة الثانية : أن يكون هذا النزاع بينهما قبل القبض.
وفي هذه الصورة لم يتردّد في الشرائع مثل الصورة الأولى بل قال : أمّا لو لم يقبض واختلفا فالقول قول المحيل قطعا (١).
ولعلّ وجه الفرق بين الصورتين هو أنّه في الأولى على تقدير كونه حوالة يكون ما أخذه المحتال ملكا له ، فيكون دعوى المحيل على ذي اليد الذي يدّعي ملكيّة ما في يده واليد أمارة الملكيّة ، فيكون المحيل مدّعيا والمحتال منكرا ، للضابط الذي ذكرناه لتشخيص المدّعي والمنكر. وقد ذكرنا أنّ كون القول قوله هو أن يكون منكرا.
فيمكن أن يدّعى أحد أنّه إن كان النزاع بعد القبض ، فليس القول قول المحيل لما
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ١١٤.