وذلك لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم ولا شكّ في أنّ الإضرار بالغير غير جائز ، ونتيجة الجمع بين هذه الأدلّة هو جواز تصرّف كلّ واحد منهما في ماله من دون احتياج إلى الإذن من الآخر ولكن مع عدم الإضرار بالآخر.
وليس ما نحن فيه من قبيل الشريكين كي يكون التصرّف من كلّ واحد محتاجا إلى إذن الآخر ، وذلك لأنّ الشراكة بناء على الإشاعة كلّ جزء جزء من المال المشترك يكون بينهما بأحد الكسور إمّا بالمناصفة أو بالمثالثة وهكذا ، فتصرّف كلّ واحد منهما في أيّ جزء مستلزم للتصرّف في مال الآخر ، ولذلك يحتاج إلى الإذن.
وأمّا فيما نحن فيه فالمالان متميّزان ، ومتعلّق الملكيّة في أحدهما العين وفي الآخر المنفعة ، فلكلّ واحد منهما التصرّف في ماله من دون الاحتياج إلى إذن. وأمّا المقدار الذي يلزم من التصرّف في ماله التصرّف في مال الغير ، فهو من لوازم جعل ملكيّة المنافع للموصى له مثلا ، وإلاّ يلزم أن يكون جعل الملكيّة له لغوا.
ولذلك في باب الإجازة التي هي عبارة عن جعل ملكيّة سكنى الدار مثلا لزيد مدّة معيّنة بعوض مالي معلوم ، بعد وقوع هذا الجعل من طرف المالك وتماميّة العقد لا مانع من تصرّف زيد في تلك الدار ، ولا يحتاج إلى الاستيذان من المالك في التصرّف فيها لأجل الانتفاع ، لأنّ ملكيّة منفعة الدار مثلا ملازم مع جواز التصرّف فيها وإلاّ يكون جعل ملكيّة المنفعة له لغوا.
وعلى كلّ حال من الواضح المعلوم أنّ كون المنفعة للموصى له والعين للوارث ليس من باب الشركة ، لتميّز الملكين كلّ واحد عن الآخر. ويتفرّع عليه فروع.
الكلام في إثبات الوصية
وتثبت الوصيّة التي عرفت جملة من أحكامها بالبيّنة ، وهي عبارة عن شهادة عدلين كسائر الموضوعات التي لها آثار شرعيّة ، وذلك لعموم حجّيتها بالنسبة إلى