قوله موافق لأصالة بقاء الحقّين ، أي حقّ المحيل والمحتال ، وقد تقدّم بيانه.
ولا يجوز للمحتال الذي ينكر الحوالة ويدّعي الوكالة مع إنكار المحيل الوكالة أخذ ما يدّعي الوكالة فيه ، لأنّ إنكار المحيل المديون لوكالة المحتال بمنزلة عزله ، لأنّ الوكالة من العقود الجائزة في أيّ وقت شاء له أن يعزله ، فإذا قال : أنت لست بوكيلي لا يخلو من أحد أمرين : إمّا ليس بوكيل واقعا فليس له أن يقبض ما يدّعي الوكالة فيه ، وإمّا وكيل واقعا والمحتال صادق في دعواه فينعزل بهذه العبارة ، فلا يجوز له القبض على كلّ حال.
فرع : إذا كان له على اثنين ألف درهم مثلا بالسويّة ، أي كان على كلّ واحد خمسمائة مثلا ، وكان كلّ واحد منهما كفيلا أي ضامنا لصاحبه ، وكان لرجل آخر عليه ألف درهم فأحاله عليهما ، صحّ هذا الحوالة ، لتماميّة أركانها ، وشمول قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الزعيم غارم » وسائر الإطلاقات لها.
قال في الشرائع : وإن حصل الرفق في المطالبة (١).
ولعلّ مراده أنّه بناء على أنّ مقتضى هذه الحوالة هو جواز مراجعة المحتال إلى كلّ واحد من المحال عليهما ومطالبته بالألف ، وذلك من جهة أنّ كلّ واحد منهما عليه خمسمائة من ناحية الدين وخمسمائة من ناحية ضمانه لصاحبه.
فقوله في الشرائع « وإن حصل الرفق » دفع توهّم ، وهو أنّ الحوالة لا تقتضي أزيد من اشتغال ذمّة المحال عليه بنفس ما هو في ذمّة المحيل بلا زيادة ولا نقيصة ، وهاهنا توجب الحوالة زيادة وهو الارتفاق ، وذلك لأنّ المحتال قبل هذه الحوالة كان يستحقّ استيفاء دينه من شخص واحد وهو المحيل ، وبعد الحوالة له أن يستوفي من كلّ واحد
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ١١٤.