وإن كان كالوصية في الرجوع والخروج من الثلث ونحوهما من الأحكام ، إذ لا يعتبر فيه شيء من ذلك ، بناء على أنه من الوصية حقيقة ، ضرورة عدم تناول أدلة العتق له.
وأغرب من ذلك قوله فيه أيضا : « وبالجملة الأقوال في المسألة ثلاثة أحدها أنه وصية كما في العبارة ، وثانيها عتق معلق ، وثالثها إيقاع مستقل لكنه بمنزلة الوصية في الأحكام من نفوذه من الثلث وجواز الرجوع فيه ، وعليه كما عرفت أكثر الطائفة » إذ مقتضاه عدم جريان الأحكام المزبورة على القول الثاني ، مع أنه لم يعرف خلاف في جريانها عليه على كل حال ، كما اعترف به في كشف اللثام ، بل لم نعثر على قائل صريحا بما نسبه إلى أكثر الطائفة.
نعم في موضع من المسالك بعد أن ذكر القولين الأولين قال : « ولو قيل بأن التدبير إيقاع برأسه وإن شابه العتق المعلق بوجه والوصية بوجه كان حسنا وفيه جمع بين الأدلة وسلامة من تناقض الأحكام المترتبة عليه غالبا » وهو كالصريح في عدم قائل بذلك ، ولعله لصدق العتق المعلق عليه لغة وشرعا وعرفا.
لكن قال أيضا في موضع آخر منها : « والتحقيق أنه بمنزلة الوصية لا عينها كما ذكره هنا ، لأنه لو كان وصية محضة لافتقر في عتقه إلى صيغة بعد الموت ، ولا يلزم من كونه بمنزلتها مساواتها في جميع الأحكام ، بل المراد أنه بمنزلتها في الأحكام المسؤول عنها في الروايات ، وهو كونه من الثلث ويجوز الرجوع فيه ونحو ذلك ، وليس بعتق معلق أيضا ، كما قال ابن إدريس وغيره ، وإلا لما صح الرجوع فيه ، فكونه مترددا بينهما في بعض الأحكام ومستقلا بنفسه ـ ومن ثم وقع بصيغته الخاصة الخارجة عن الأمرين ـ أظهر ».
وفيه أن اختلاف الأحكام لا مدخلية له في مهية الشيء وحقيقته ، وحينئذ فمراد القائل بكونه بصفة الوصية وليس منها حقيقة وهو الأكثر أنه عتق معلق بصفتها في جواز الرجوع والخروج من الثلث ونحوهما من الأحكام التي لا تقتضي كونه إيقاعا مستقلا كما هو واضح.