أدوار ، ويحمل على أوقات الإفاقة ، ثم قال : والفرق بينه وبين الأول : أي من طرأ له الجنون ، انصراف الوصية في ابتدائها : أي في الأدواري إلى أوقات إفاقته ، وفي غيرها إلى دوام عقله الذي لم يدم ، ولو قلنا بعود ولاية الأول فلا اشكال ».
قلت : قد يقال بصحة الإيصاء إلى المجنون حال جنونه ، معلقا ذلك على حصول الإفاقة له ان حصلت ، منضما إلى الوصاية إلى بالغ مستقل في التصرف ، أو غير منضم ، على اشكال ينشأ من عموم الأدلة ، ومن كون المتيقن منها الاذن في نصب غير ذلك ، على أن تعليق تأثير السبب على غير الشرط الشرعي مخالف للضوابط الشرعية ، والظاهر ما دل على التسبيب ، وسيأتي لذلك نظائر إن شاء الله تعالى كما أنه يأتي البحث على ما يتفرع على الشرط الثاني عند تعرض المصنف له.
وإنما الكلام هنا في أنه هل يعتبر العدالة في الوصي قيل : والقائل جماعة ، بل هو المشهور نعم بل في الغنية الإجماع عليه لأن الفاسق لا أمانة له لوجوب التثبيت عند خبره (١) ، وظالم لا يركن إليه (٢) ، ولأولويتها من وكيل الوكيل المجبور بنظر الموكلين ، الذي قد اعتبر فيه العدالة ، وولايتها قد تكون ولاية على طفل ، أو على أداء حق واجب ، أو نحو ذلك مما لا ينبغي فيه ائتمان غير العدل ، ولأن الوصاية إثبات الولاية بعد الموت الذي به ترتفع ولاية الموصى ويصير التصرف متعلقا بحق غير المستنيب من طفل أو مجنون أو فقير وغيرهم ، فيكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل ، ووكيل الحاكم على مثل هذه المصالح ، ومن هنا كان رضى الموصى بالفاسق غير معتد به ، كما أن منه يعلم الفرق بين الوصاية والوكالة ، والاستيداع المتعلقين بحق الموكل والمودع المسلطين شرعا على إتلاف مالهما ، فضلا عن تسليط غير العدل عليه ، والموصى إنما يسلط على حق الغير لخروجه عن ملكه بالموت مطلقا ، مع أنا نمنع عدم اشتراط العدالة في الودعي والوكيل إذا كانا على مثل ذلك.
__________________
(١) سورة الحجرات الآية ـ ٦.
(٢) سورة هود الآية ـ ١١٣.