كالوصية في البحث المزبور ، والله اعلم.
ثم لا يخفى عليك أن الإجازة لا تصح من المجنون والصبي ، وتصح من المفلس حال حياة الموصى ، وفي الروضة في صحتها بعد موته وجهان : مبناهما على أن التركة هل تنتقل إلى الوارث؟ وبالإجازة تنقل عنه إلى الموصى له ، أم تكون الإجازة كاشفة عن سبق ملكه من حين الموت ، وعلى الأول لا تنفيذ لتعلق حق الغرماء بالتركة قبل الإجازة ، وعلى الثاني يحتمل الأمرين ، وإن كان النفوذ أوجه.
لكنه خبير بأن المعروف بين الأصحاب كون الإجازة تنفيذا والمراد به الرضا بالخروج عن كونه وارثا بالنسبة إلى الموصى به ، وأن مقابله ما يحكى عن العامة من كونه ابتداء هبة ومن هنا بنى المسألة في محكي التذكرة عليهما فقال : إن قلنا : إنها هبة لم تصح ، لأنه ليس له هبة ماله ، وأما السفيه ففي القواعد ومحكي غيرها إطلاق المنع من أجازته ، لكن قد يقال : إنه كالمفلس بالنسبة إلى ذلك ، لعدم كونه مالكا في حال الحياة بل لم يتصرف في المال بعد الوفاة ، وإنما رضي بعدم كونه وارثا وهو ليس تصرفا ماليا حتى يمنع منه ، اللهم إلا أن يقال : إنه ممنوع مما يشمل مثل هذا التصرف لكن يأتي احتمال مثله في المفلس ، ولعل ذلك هو الوجه في الأمرين اللذين في الروضة.
وعلى كل حال فلا خلاف ولا إشكال في أنه يجب على الوصي أو الوارث أو الحاكم أو عدول المؤمنين أو كافة الناس لكن على الكفاية العمل بما رسمه الموصى مما أوصى به إذا لم يكن منافيا للشرع وإن كان إنما يعتبر ذلك إذا كان بقدر الثلث أو أزيد إذا أجاز الوارث.
ويعتبر الثلث وقت الوفاة أي لا وقت الوصاية الذي هو ليس زمان الملك بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع محكي عن الخلاف وإن لم يكن محصلا عليه فلو أوصى بشيء وكان موسرا في حال الوصية ، ثم افتقر عند الوفاة ، لم يكن بإيساره اعتبار ، وكذلك لو كان في حال الوصية فقيرا ثم أيسر وقت الوفاة ، كان الاعتبار بحال يساره والمخالف في ذلك بعض الشافعية.