من العبادات التي قد تقدم البحث في حرمة ذلك فيها ، وفي اقتضائه بطلان العبادة المشرع في نيتها ، وإن خالف فيهما معا بعض المتأخرين ، بل جزم بعدم البطلان على تقدير الإثم بذلك ، لكنه واضح الضعف ، ضرورة معلومية حرمة التشريع كضرورة اقتضائه فقد العبادة النية المعلوم اعتبارها فيها.
ولعله إلى ذلك يرجع استدلال بعضهم على الحكم في المقام بأنهما عبادتان متباينتان لا يجوز الإتيان بإحداهما إلا مع الفراغ من الأخرى ، ولا بد في النية من مقارنتها المنوي ، فهو كنية صلاة الظهر والعصر دفعة واحدة ، وإلا كان محلا للنظر ، وعدم الاجتزاء بهذه النية للآخر ما لم يكن فيها التشريع المزبور انما يقتضي فساد الأخير لا فسادهما معا ، كما هو ظاهر كل من حكم بعدم جواز القران على ما اعترف به في محكي المختلف وغيره ، وفي المسالك « وعلى المشهور لو قرن بينهما بنية واحدة بطلا ، للنهي المفسد للعبادة ، كما لو نوى صلاتين » والظاهر إرادته النهي التشريعي من النهي المذكور في كلامه كما يشعر به التشبيه بنية الصلاتين ، مضافا إلى أنا لم نعثر هنا على نهي بالخصوص إلا ما سمعته من بعض النصوص التي استدل بها الخصم في تفسير القران ، وقد مر الكلام فيها ، وكأن الوجه في اقتضائه الفساد هنا اقتضائه بطلان النية المقتضي لفساد العبادة كما أومأنا اليه.
وبذلك كله ظهر لك أن مدار البطلان وعدمه على التشريع في النية على وجه يقتضي الفساد كغيرها من العبادات ، ضرورة عدم خصوصية للمقام ، وقد ذكرنا شطرا من ذلك في الوضوء والغسل والصلاة والصوم وغيرها من العبادات ، هذا.
ولكن في كشف اللثام ـ بعد أن ذكر تعليل البطلان بفساد النية لكونها غير مشروعة ، وهو يستلزم فساد العمل ، وخصوصا الإحرام الذي عمدته النية ـ