تأخير تلبية العقد عن الميقات الذي لا يجوز تجاوزه غير محرم ، ولكن ذلك لا يقتضي المقارنة على نحو مقارنة نية الصلاة لتكبيرها ، ولا صراحة في الخبر المزبور بتأخير تلبية العقد ، إذ يمكن استحباب تلبية اخرى سرا عند الرقطاء ، والجهر بها عند الاشراف على الأبطح ، بل مقتضي قوله : « فأحرم بالحج » الى آخره الأمر بعقد الإحرام ولو بتلبيته سرا ، بل ينبغي الجزم بذلك بناء على ان الرقطاء خارجة عن مكة ، فإنه قيل قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد الرقطاء اسم موضع منها نعم بناء على ان الرقطاء اسم موضع بمكة جاز تأخير التلبية للعقد إليها ، لأنها من الميقات حينئذ ، والفرض عدم اعتبار المقارنة نحو تكبيرة الإحرام ، بل المراد عدم الخروج عن الميقات قبل وقوعها.
وبذلك ومما تقدم سابقا ظهر لك ان الأمر هنا نحو ما سمعته هناك ، وعن شرح القاضي للجمل إذا أحرم بالحج يوم التروية فلا يلبي بعد عقد إحرامه حتى ينتهي إلى الردم ، وهو ظاهر في أنها تلبية أخرى بعد عقد الإحرام ، ولعل ذلك هو مراد الكتب السابقة أيضا ، بل في كشف اللثام إضافة التحرير إليها وروض الجنان ، قال : إلا انه زاد قوله : ويسر بالتلبيات الأربع المفروضة قائما أو قاعدا على باب المسجد أو خارجه مستقبل الحجر الأسود ، وهذه الزيادة صريحة أو ظاهرة فيما قلناه.
وكيف كان فعن التهذيب والاستبصار الماشي يلبي من الموضع الذي يصلي فيه ، والراكب يلبي عند الرقطاء أو عند شعب الدب ، ولا يجهران بالتلبية إلا عند الاشراف على الأبطح جامعا به بين خبري زرارة (١) « سألت أبا جعفر عليهالسلام متى تلبي بالحج؟ قال : إذا خرجت إلى منى ـ ثم قال ـ : إذا جعلت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الإحرام ـ الحديث ٥.