وكذا يكره أن يؤم الأعرابي الجامع لشرائط الإمامة بالمهاجرين على المشهور بين المتأخرين ، بل في الرياض إجماعهم عليه ، بل قيل قد يظهر من المنتهى الإجماع عليه ، للنهي عن ولايتهم قبل أن يهاجروا في الكتاب العزيز وعن الائتمام في الأخبار السابقة التي فيها الصحيح وغيره ، وإن كان مورده فيها مختلفا ، ففي بعضها (١) إطلاق الأعرابي ، وفي آخر (٢) تقييده بقوله عليهالسلام : « حتى يهاجر » وفي ثالث (٣) بالمهاجرين ، لكن على كل حال هو محمول على الكراهة ، لقصور ما تضمنه من تلك الأخبار عن إطلاقات الجماعة وعموماتها ، كقوله عليهالسلام (٤) : « صل خلف من تثق بدينه » ونحوه سندا في البعض ، ودلالة في الجميع ، لاحتمال إرادة خصوص غير الجامع لشرائط العدالة (٥) منه ، إما لوجوب الهجرة عليه ، أو لتعربه بعدها ، أو لغير ذلك كما هو الغالب في ذلك الزمان وغيره المنساق إلى الذهن من الإطلاق هنا ، خصوصا بعد ذم الله تعالى لهم في كتابه المجيد (٦).
لكن قد يقال : إن النهي في بعضها عن الإمامة بالمهاجرين مما يشعر بجوازها بمثله ، وهو مناف للاحتمال المزبور ، ضرورة عدم جواز إمامته مطلقا بناء عليه ، فيتعين إرادة الجامع لشرائط الإمامة منه ، إلا أنه ساكن البادية بخلاف المهاجر ، ويكون المنع عن إمامته بالمهاجرين تعبديا كما هو ظاهر جماعة من القدماء ، بل في الرياض نسبته إلى أكثرهم تارة ، بل قال : إني لا أجد فيه خلافا بينهم صريحا إلا من الحلي ومن تأخر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٦.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٢ وفيه « لا تصل إلا خلف من تثق بدينه ».
(٥) هكذا في النسخة الأصلية ولكن الصحيح « الإمامة » ويجيء أيضا بعد أسطر في عبارته قدسسره.
(٦) سورة التوبة ـ الآية ٩٨.