إنما هو الطهارة من الجنابة ، والذي ينطبق عليه معنى الشرط المتقدم إنما هي الطهارة المقارنة لفجر يوم الصوم ، إذ هي التي ينعدم بانعدامها المشروط لا المتقدمة عليه بقليل فضلا عن الكثير ، فالطهارة الحاصلة قبل ذلك لا مدخلية لها في صحة الصوم قطعا ولذلك لا يقدح عدمها فيه ، فمن أجنب حينئذ قبل دخول شهر رمضان بيوم أو يومين واغتسل لم يكن لما حصل عنده من وصف الطهارة حين الغسل مدخلية في صحة الصوم ، نعم ان الذي له مدخلية في ذلك إنما هو حال مثل هذا الحال عند طلوع الفجر ، وهو تارة يحصل بالبقاء والاستمرار على ما حصل له من ذلك وتارة يحصل بإيجاد غسل في وقت الضيق.
لا يقال ان الغسل الأول حينئذ أحد فردي ما يحصل به مقدمة الواجب ، فيجب حينئذ تخييرا إذ لا نشترط في المقدمة انحصارها في فرد واحد لأن المقدمات لا زالت تتعد كأفراد الماهية بالنسبة للأمر بها ، لأنا نقول : أما أولا فبالمنع من استناد الحالة التي قد ذكرنا أنها هي المعتبرة في صحة الصوم أي المقارنة للفجر الى الغسل السابق بناء على عدم استغناء الباقي في بقائه إلى المؤثر ، وأما ثانيا فبعد التسليم بمنع التلازم بين اتفاق حصول شرط الواجب به وبين وجوبه ، إذ لا إشكال عندهم في حصول شرط الصلاة من الطهارة عن الخبث مثلا بالتطهير قبل الوقت واستمرار الطهارة اليه مع عدم صيرورة التطهير بذلك واجبا قبل الوقت ، بل أقصاه أنه سقط وجوب التطهر بعد الوقت لمكان حصول المقدمة التي هي الطهارة كسقوطه بفعل الغير والمطر ونحوهما من الأشياء الغير المقدورة للمكلف ، ولا ينافي ذلك كله مقدميتها إذ المقدمة إنما هو القدر المشترك بين المقدور وغيره وهو الطهارة ، فلا مانع حينئذ أن يقال في المقام ان المقدمة التي هي شرط في صحة الصوم وهي الطهارة من الجنابة مقارنة للفجر بالواجب من الغسل وهو الذي لا يزيد على مقدار زمان ذلك وبالمندوب وهو الحاصل قبل ذلك على معنى سقوط الخطاب بها نحو من لم يجنب أصلا ، بل لعله كذلك قطعا بناء على ما ذكرنا ، إذ كيف يتصور وجوب الغسل لدفع جنابة لا مدخلية لها في صحة الصوم ، لما عرفت أن المانع من صحته إنما هو وصف