الخلاف في نجاسة بعضه من طاهر العين وكراهة بعض آخر ، وليس في كلام القائلين بذلك دلالة على اعتبار مطلق المباشرة ، بل كلامهم ودليلهم كالصريح في أن مرادهم بالسؤر المعنى الذي ذكرناه خاصة ، وفيه نظر من وجوه يظهر من التأمل في كلامنا السابق وكلامهم فتأمل.
وهي كلها طاهرة عدا سؤر النجس منها ، وهو الكلب والخنزير والكافر ، وفي نجاسة سؤر المسوخ تردد للتردد في نجاستها ، والطهارة فيها عينا وسؤرا أظهر ومن عدا الخوارج والغلاة من أصناف المسلمين طاهر الجسد والسؤر والتأمل في كلام المصنف يرشد إلى أمرين ، ( الأول ) ان كل ما ثبت نجاسته شرعا فسؤره إن كان فيما ينفعل بالنجاسة نجس ، ودليلها ـ مضافا الى ما يقرب الى القطع به من ملاحظة الأخبار ـ الإجماع محصلا ومنقولا ، نعم ربما وقع الخلاف في نجاسة ذي السؤر كالمسوخ وولد الزنا والمجبرة والمجسمة ، بل غير المؤمن والمستضعف واليهود والنصارى ، ويأتي تحقيق القول في ذلك كله ان شاء الله في النجاسات. ( الثاني ) ان كل ما ثبت طهارته شرعا فسؤره طاهر ، وهو المشهور ، بل عليه عامة من تأخر ، بل عن الغنية والخلاف الإجماع عليه ، بل قد يظهر أيضا من المنقول من عبارة الناصريات ، بل في السرائر في باب الأطعمة والأشربة « فأما ما حرم شرعا فجملته من الحيوان ضربان ، طاهر ونجس ، فالنجس الكلب والخنزير ، وما عداهما كله طاهر في حال حياته بدلالة إجماع أصحابنا المنعقد على أنهم أجازوا شرب سؤرها والوضوء منه ، ولم يجوزوه في الكلب والخنزير » الى آخره ، وهو الحجة بعد الأصل والاستصحاب والعموم ، مضافا الى ما تسمعه من الأخبار ، وخالف في ذلك ابن إدريس في السرائر فحكم بنجاسة سؤر ما أمكن التحرز عنه من غير مأكول اللحم من حيوان الحضر غير الطيور ، قال : « ولا بأس بأسآر الفأر والحيات وجميع حشرات الأرض » وقد تعطي عبارة الشيخ