وعلى القول بردّ يمين الناكل ، تثبت على كلّ منهما اليمين المردودة مع نكولهما ، وعلى الحالف يمين اخرى بعد نكول الثاني مع نكوله بعد حلف الأول ، فيحلف مرّتين ، وكذا إذا كان النكول قبل حلف صاحبه.
وهل يجمع اليمينين حينئذ في يمين واحدة ، أم لا؟
الوجه : الأول ، كما هو ظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف كما قيل (١) ، لما أثبتنا في موقعه من أصالة تداخل الأسباب.
ثمَّ إنّه هل يتخيّر الحاكم في البدأة بينهما بالإحلاف ، أو يقرع بينهما؟ فيه وجهان ، وقيل : يبدأ بالسابق منهما بالدعوى ، فيحلف صاحبه (٢). وهو حسن ، لما مرّ من تقديم حقّ من بدر بالدعوى.
ويمكن الاستدلال أيضا بأنّ كلاّ منهما ـ لكون يد الآخر عليها ـ مدّعي ، ولكون يده عليها منكر ، فلكلّ منهما الحلف والإحلاف ، فيتحالفان ، أو ينكلان ، أو يحلف أحدهما وينكل الآخر ، لعموم الأدلّة ، فالترجيح على الأخير ظاهر ، وعلى الأولين لا يمكن الجمع بإعطاء جميع العين كلاّ منهما ولا منع كليهما ، لعدم خروج الملكيّة عنهما ، ولا ترجيح أحدهما بزيادة ، لعدم المرجّح ، فلم يبق إلاّ التنصيف ، ولكن فيه كلام يأتي من عدم ظهور مثل ذلك من المدّعي والمنكر المتقابلين.
ويدلّ على المطلوب أيضا : أنّه ثبت تنصيف العين بينهما في المورد من الأخبار ، كمرسلة ابن المغيرة الصحيحة عن ابن محبوب ـ مع كون الإرسال عن غير واحد من أصحابنا ـ : في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، فقال أبو
__________________
(١) رياض المسائل ٢ : ٤١٦.
(٢) انظر الكفاية : ٢٧٥.