الاول ذلك الشئ لا هذا ، وكان الاول أولى بأن يكون خالقا للاول الثاني. ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا ، بصيرا ، قادرا ، قاهرا ، حيا ، قيوما ، (١) ظاهرا ، باطنا ، لطيفا ، خبيرا ، قويا ، عزيزا ، حكيما ، عليما ، وما أشبه هذه الاسماء فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لاشئ مثله ، ولا شئ من الخلق في حاله قالوا : أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ قد جمعتكم الاسماء الطيبة. قيل لهم : إن الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماءا من أسمائه على اختلاف المعاني ، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين ، والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم السائغ (٢) وهو الذي خاطب الله عزوجل به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ماضيعوا ، وقد يقال للرجل : كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد كل ذلك على خلافه لانه لم تقع (٣) الاسماء على معانيها التي كانت بنيت عليها لان الانسان ليس بأسد ولاكلب فافهم ذلك رحمك الله. وإنما تسمى الله بالعالم لغير علم حادث علم به الاشياء واستعان به على حفظ ما يستقبل من أمره ، والروية فيما يخلق من خلقه ويفنيه مما مضى (٤) مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث ، إذ كانوا قبله جهلة ، وربما فارقهم العلم بالاشياء فصاروا إلى الجهل. (٥) وإنما سمي الله عالما لانه لا يجهل شيئا فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم واختلف المعنى على ما رأيت. وسمي ربنا سميعا لا بجزء (٦) فيه يسمع به
___________________
(١) في الكافي : قادرا قائما ناطقا ظاهرا.
(٢) في الكافى والعيون : الشائع.
(٣) في الكافي والتوحيد المطبوعين : على خلافه وحالاته لم يقع.
(٤) في التوحيد المطبوع : ويعينه ما مضى.
(٥) في الكافي : فعادوا.
(٦) في الكافي ونسخة من العيون : «لا بخرت» وكذا فيما بعده ، وخرت الاذن ـ بضم الخاء وفتحها وسكون الراء ـ : ثقبها.