ومنه انقدح حال ما إذا كان التعليل لأجل انفتاح باب التقية فيه ، ضرورة كمال الوثوق بصدوره كذلك ، مع الوثوق بصدورهما ، لو لا القطع به في الصدر الأول ، لقلّة الوسائط ومعرفتها ، هذا مع ما في عدم بيان الإمام عليهالسلام للكليّة كي لا يحتاج السائل إلى إعادة السؤال مرارا ، وما في أمره عليهالسلام بالإرجاء بعد فرض التساوي فيما ذكره من المزايا المنصوصة ، من الظهور في أن المدار في الترجيح على المزايا المخصوصة ، كما لا يخفى.
ثم إنه بناء على التعدي حيث كان في المزايا المنصوصة ما لا يوجب الظن بذي المزية ولا أقربيته ، كبعض صفات الراوي مثل الأورعية أو الأفقهية ، إذا كان موجبهما مما لا يوجب الظن أو الأقربية ، كالتورع من الشبهات ، والجهد في العبادات ، وكثرة التتبع في المسائل الفقهية أو المهارة في القواعد الأصولية ، فلا وجه للاقتصار على التعدي إلى خصوص ما يوجب الظن أو الأقربية ، بل إلى كل مزية ، ولو لم تكن بموجبة لأحدهما ، كما لا يخفى.
وتوهم أن ما يوجب الظن بصدق أحد الخبرين لا يكون بمرجح ، بل موجب لسقوط الآخر عن الحجية للظن بكذبه حينئذ ، فاسد. فإن الظن بالكذب لا يضر بحجية ما اعتبر من باب الظن نوعا ، وإنما يضر فيما أخذ في اعتباره عدم الظن بخلافه ، ولم يؤخذ في اعتبار الأخبار صدورا ولا ظهورا ولا جهة ذلك ، هذا مضافا إلى اختصاص حصول الظن بالكذب بما إذا علم بكذب أحدهما صدورا ، وإلّا فلا يوجبه الظن بصدور أحدهما لإمكان صدورهما مع عدم إرادة الظهور في أحدهما أو فيهما ، أو إرادته تقية ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
صدوره إلى جهات اخرى ، ولا يمكن التعدّي إلى ما يوجب كون الخبر مما لا ريب فيه من جهة اخرى غير الصدور ، وكذا الحال في الترجيح بمخالفة العامّة وأخبارهم.