.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك عرفان لاستقامة الشخص في أعماله.
ثمّ إنّ الماتن قدسسره قد ذكر في فصل شرائط إمام الجماعة عدالته ، وفسّر العدالة بأنّها ملكة الاجتناب عن الكبائر وعن الإصرار على الصغائر وعن منافيات المروّة الدالّة على عدم مبالاة مرتكبها بالدين ، وذكر في المقام العدالة عبارة عن ملكة الإتيان بالواجبات وترك المحرّمات ، ولم يفصّل كما ترى بين الكبيرة والصغيرة ، ولم يذكر منافيات المروّة ، وأمّا التفرقة بين الكبائر والصغائر فيأتي الكلام فيها بعد ذلك.
ارتكاب خلاف المروة قادح في العدالة أو في حسن الظاهر أم لا؟
والكلام فعلا في اعتبار ملكة منافيات المروّة ، فنقول : فسروا المروّة بعدم خروج الشخص عن العادات مما يعدّ ارتكاب خلافها مهانة له وعلامة لخسّة النفس ومراعاتها كمالا لها وإن لم يكن من ترك الواجب أو فعل الحرام ، ويستدلّ على اعتبار ذلك بما ورد في صحيحة عبد الله بن أبي يعفور من كون الشخص : «ساترا لجميع عيوبه» (١) فإنّ جميع العيوب يشمل العيوب المشار إليها. والماتن قدسسره اعتبر الاجتناب عن منافيات المروّة أي الدالة على أنّ مرتكبها لا يبالي بالدين ، وظاهره أنّ الشخص إذا كان بين الناس بحيث لا يبالي بالإضافة إلى ما يعدّ عندهم عيبا وقبيحا بالإضافة إلى أمثاله ولا يراعيها أصلا يكشف ذلك عندهم أنّه لا يبالي أيضا بالإضافة إلى الوظائف الشرعيّة فلا تتحقق العدالة.
أقول : ظاهر ما ورد في صحيحة عبد الله بن أبي يعفور من كونه : «ساترا لجميع عيوبه» هو العيوب الشرعيّة ، وعلى تقدير الإغماض فارتكاب خلاف المروّة يوجب
__________________
(١) مرّ تخريجه قبل قليل.