قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٤ ]

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٤ ]

تحمیل

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٤ ]

441/480
*

مكة (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ) أي الاسلام (أَفْواجاً) (٢) جماعات بعد ما كان يدخل

____________________________________

عند البصريين ، أي والفتح منه ، وعطفه على النصر عطف خاص على عام. قوله : (فتح مكة) أي التي حصل به أعظم فتوح الإسلام ، وأعز الله به دينه ورسوله وجنده وحرمه ولتبشر به أهل السماء ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وسببها : أنه وقع الصلح بالحديبية ، على أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يتعرض لمن دخل في عقد قريش ، وأنهم لا يتعرضون لمن دخل في عقده ، وكان ممن دخل في عقده خزاعة ، وفي عقدهم بنو بكر ، وكانا متعاديين ، فخرج بعض بني بكر وبني خزاعة فاقتتلوا ، فأمدت قريش بني بكر ، فخرج أربعون من خزاعة إليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخبرونه ويستنصرونه ، فقام وهو يجر رداءه ويقول : لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر به نفسي ، ولما أحس أبو سفيان جاء إلى المدينة ليجدد العهد ويزيد في المدة ، فأبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرجع ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الناس بالجهاز ، وأمر أهله أن يجهزوه ، وأعلم الناس أنه سائر إلى مكة وقال : اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ، حتى نبغتها في بلادها ، فتجهز الناس ، ومضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهم عامدا إلى مكة لعشر مضين في رمضان ، وقيل : لليلتين مضتا منه سنة ثمان من الهجرة ، فصام رسول الله والناس معه ، حتى إذا كان بالكديد أفطر ، وعقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل ، ثم مضى حتى نزل مر الظهران المسمى الآن بوادي فاطمة في عشرة آلاف ، وقيل : اثني عشر ألفا من المسلمين ، ولم يتخلف من المهاجرين والأنصار عنه أحد ، فلما نزل به أمرهم أن يوقدوا عشرة آلاف نار كل نار على حدة ، فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار ، وكان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببعض الطريق مهاجرا بعياله ، فلما رأى ذلك الأمر قال : والله لئن دخل رسول الله مكة عنوة قبل أن يستأمنوه ، لهلكت قريش إلى آخر الدهر ، قال العباس : فركبت بغلة رسول الله البيضاء ، وخرجت لأجد حطابا أو ذا حاجة يدخل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله ، ليخرجوا إليه فيستأمنوه ، قبل أن يدخلهم عليهم عنوة ، وإذا أنا بأبي سفيان فعرفت صوته فقلت : يا أبا حنظلة ، فعرف صوتي فقال : أبو الفضل؟ فقلت : نعم ، قال : مالك فداك أبي وأمي ، قلت : ويحك يا أبا سفيان ، هذا رسول الله قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، بعشرة آلاف من المسلمين ، قال : وما الحيلة؟ قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك ، فأردفته ورجع صاحباه ، فخرجت أركض به بغلة رسول الله ، كلما مررت بنار من نيران المسلمين نظروا وقالوا : عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بغلة رسول الله ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال : من هذا؟ وقام إلي ، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال : يا أبا سفيان عدو الله ، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ، ثم خرج يشتد نحو رسول الله ، وركضت البغلة فسبقته ؛ فلما وصلت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخلت عليه ودخل عليه عمر فقال : يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله ، قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد ، فدعني أضرب عنقه ، قال : فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اذهب به يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتني به ، قال : فذهبت به إلى رحلي فبات عندي ، فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله ، فلما رآه قال : ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ، قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ، فما زال به حتى أسلم ، قال العباس : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا ، قال : نعم من دخل دار أبي