(وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٦) بسطها (وَنَفْسٍ) بمعنى نفوس (وَما سَوَّاها) (٧) في الخلقة ، وما في الثلاثة مصدرية أو بمعنى من (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٨) بين لها طريقي الخير والشر ، وأخر التقوى رعاية لرؤوس الآي وجواب القسم (قَدْ أَفْلَحَ) حذفت منه اللام لطول الكلام (مَنْ زَكَّاها) (٩) طهرها من الذنوب (وَقَدْ خابَ) خسر (مَنْ دَسَّاها) (١٠) أخفاها بالمعصية ، وأصله دسسها ، أبدلت السين الثانية ألفا تخفيفا (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) رسولها صالحا (بِطَغْواها) (١١) بسبب طغيانها (إِذِ انْبَعَثَ) أسرع (أَشْقاها) (١٢) واسمه قدار إلى عقر الناقة برضاهم (فَقالَ لَهُمْ
____________________________________
والمعمول في الزمان ، وذلك لأن فعل القسم إنشاء ، وزمانه الحال ، وإذا للاستقبال ، وحينئذ فلا يصح عمله في إذا. أجيب : بأن فعل القسم يدل على الحال ، ما لم يكن مقرونا بظرف يفيد الاستقبال كإذا ، وإلا فيكون للاستقبال تبعا لمعموله. قوله : (بسطها) أي على الماء. قوله : (بمعنى نفوس) أشار بذلك إلى أن التنكير للتكثير. قوله : (وَما سَوَّاها) (في الخلقة) أي عدلها على هذا القانون المحكم والتركيب المتقن. قوله : (وما في الثلاثة مصدرية) أي وبناها السماء الخ ، وحينئذ فالكلام إما على حذف مضاف ، أي ورب البناء والطحو والتسوية ، أو القسم بتلك الأشياء ، لعظمتها وجلالة قدرها ، كما تقدم في القسم بالشمس ونحوه. قوله : (أو بمعنى من) أي ومن بناها الخ ، وبه استدل من يجوز وقوعها على آحاد أولي العلم ، لأن المراد به الله تعالى. قوله : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) الإلهام في الأصل إلقاء شيء في القلب بطريق الفيض ، ينشرح له الصدر ويطمئن ، ثم أطلق هنا على مطلق التبيين. قوله : (طريق الخير والشر) لف ونشر مشوش. قوله : (حذفت منه اللام) أي لطول الكلام ، لأن الماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله عليه ، إذا وقع جوابا للقسم تلزمه اللام ، وقد يجوز الاقتصار على أحدهما عند طول الكلام أو للضرورة. قوله : (مَنْ زَكَّاها) الخ ، الفاعل ضمير (مَنْ) في الموضعين ، وقيل : ضمير عائد على الله ، والتقدير : من زكاها الله بالطاعة ، وقد خاب من دساها الله بالمعصية. قوله : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) كرر (قَدْ) إشارة لمزيد الاعتناء بمضمونها. قوله : (وأصلها دسها) مأخوذ من التدسيس وهو الإخفاء ، والمعنى : أخمدها وأخفاها بالكفر والمعصية ، لأن المعاصي تذل النواصي. قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) مناسبتها لما قبلها ، أنه لما أقسم بتلك الأقسام المذكورة ، على فلاح المطيع وخيبة العاصي ، ذكر في تلك القصة المطيع وهو صالح عليهالسلام ، والعاصي وهو قومه. قوله : (بسبب طغيانها) أشار بذلك إلى أن الباء سببية. قوله : (إِذِ انْبَعَثَ) مطاوع بعث تقول : بعثت فلانا على الأمر فانبعث له ، والباعث لهم على ذلك التكذيب والطغيان. قوله : (واسمه قدار) أي بوزن غراب ابن سالف ، وهو أشقى الأولين ، وكان رجلا أشقر أزرق قصيرا ، وفي الحديث : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعلي بن أبي طالب : أتدري من أشقى الأولين؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : عاقر الناقة ، قال : أتدري من أشقى الآخرين؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : قاتلك». قوله : (برضاهم) قال قتادة : بلغنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم.
قوله : (فَقالَ لَهُمْ) أي بسبب الانبعاث ، والمعنى : أنه لما عرف منهم العزم على عقرها قال لهم ما