بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة البلد
مكيّة
وآياتها عشرون
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا) زائدة (أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) مكة (وَأَنْتَ) يا محمد (حِلٌ) حلال (بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) بأن يحل لك فتقاتل فيه ، وقد أنجز الله له هذا الوعد يوم الفتح ، فالجملة اعتراض بين المقسم به وما عطف عليه (وَوالِدٍ) أي آدم (وَما وَلَدَ) (٣) أي ذرّيته ، وما
____________________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة البلد
وهي عشرون آية
أي بالإجماع. قوله : (زائدة) هذا أحد احتمالين ، والآخر أنها نافية لكلام تقدمها وتقدم ذلك قوله : (مكة) أي لأنها مهبط الرحمات ، يجبى إليها ثمرات كل شيء ، جعلها الله حرما آمنا ومثابة للناس ، وجعل فيها قبلة أهل الدنيا بأسرها ، وحرم فيها الصيد ، وجعل البيت المعمور بإزائه ؛ وغير ذلك من فضائلها ، فلما استجمعت تلك المزايا والفضائل ، أقسم الله تعالى بها. قوله : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) جملة حالية جيء بها تسلية له صلىاللهعليهوسلم وتعجيلا لمسرته ، وحيث وعده فتح مكة في المستقبل ، وعبر عنه بالحال لنحقق الوقوع على حد (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وقد أنجز الله له ذلك ، فعندما نزع المغفر عنه يوم الفتح ، جاء رجل فقال : يا رسول الله ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : اقتلوه ، فقتله الزبير وخص هذا الحال ، لأن مكة وإن كانت عظيمة في نفسها ، إلا أنها في تلك الحالة أعظم ، لانتقال أهلها من الظلمات إلى النور ، وفيه إشارة إلى عظم قدر المصطفى وشرف البقاع به ، فمكة زادها الله تشريفا بقدومه بها وهو حلال. قوله : (فالجملة اعتراض) أي لا تعلق لها بما قبلها ولا بما بعدها ، قصد بها الإخبار بما سيكون ، والأحسن جعلها حالية كما علمت لأنه يستفاد منها تشريف مكة في تلك الحالة المستلزم زيادة تشريفه صلىاللهعليهوسلم وإكرامه وتعظيمه ؛ حيث أحل له ما لم يحل لأحد قبله ولا بعده.
قوله : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) أقسم الله بهم لأنهم أعجب خلقه ، لما فيهم من البيان والنطق والتدبير ، واستخراج العلوم ، وفيهم الأنبياء والصلحاء ، ولا سيما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، وتعليمه جميع الأسماء ، وما مشى عليه المفسر من أن المراد بما ولد ذريته ، يستفاد منه العموم الصالح والطالح ، وقيل : هو