على بعثه (يَوْمَ تُبْلَى) تختبر وتكشف (السَّرائِرُ) (٩) ضمائر القلوب في العقائد والنيات (فَما لَهُ) لمنكر البعث (مِنْ قُوَّةٍ) يمتنع بها من العذاب (وَلا ناصِرٍ) (١٠) يدفعه عنه (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) (١١) المطر لعوده كل حين (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (١٢) الشق عن النبات (إِنَّهُ) أي القرآن (لَقَوْلٌ فَصْلٌ) (١٣) يفصل بين الحق والباطل (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١٤) باللعب والباطل (إِنَّهُمْ) أي الكفار (يَكِيدُونَ كَيْداً) (١٥) يعملون المكايد للنبي صلىاللهعليهوسلم (وَأَكِيدُ كَيْداً) (١٦) أستدرجهم من حيث لا يعلمون (فَمَهِّلِ) يا محمد (الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ) تأكيد حسنه مخالفة اللفظ ، أي أنظرهم
____________________________________
الضمير عائد على الماء الدافق ، والمعنى : أنه على رجع الماء للصلب والترائب بعد انفصاله للرحم وصيرورته ولدا لقادر.
قوله : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) ظرف لرجعه لا لقادر ، لأنه تعالى قادر على جميع الأوقات ، لا تختص قدرته بوقت دون وقت. قوله : (ضمائر القلوب) أي ما أخفي فيها ، وقيل : السراء فرائض الأعمال : كالصلاة والصوم والوضوء والغسل من الجنابة ، فإنها سرائر بين الله وبين العبد ، ولو شاء العبد لقال : صمت ولم يصم ، وصليت ولم يصل ، واغتسلت من الجنابة ولم يغتسل ، فيختبر حتى يظهر من أداها من ضيعها ، فيبيض وجه المؤدي ، ويسود وجه المضيع.
قوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ) أي في نفسه ، وقوله : (وَلا ناصِرٍ) أي من غيره. قوله : (المطر) هذا أحد أقوال ، وقيل (الرَّجْعِ) الأحوال التي تجيء وتذهب ، كالليل والنهار والأمطار ، والفصول من الشتاء وما فيه من برد ونحوه ؛ والصيف وما فيه من حر ونحوه ، وقيل : المراد ذات النفع ، وقيل : ذات الملائكة لرجوعهم فيها بأعمال العباد. قوله : (الشق عن النبات) وقيل : ذات الحرث لأنه يصدعها ، وقيل : ذات الطريق التي تصدعها المشاة ، وقيل : غير ذلك ، واعلم أنه تعالى كما جعل كيفية خلق الحيوان دليلا على معرفة المبدأ والمعاد ، ذكر في هذا القسم كيفية خلقه النبات ، فقوله : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) أي هي كالأب (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) هي كالأم تتولد من بينهما النعم العظيمة التي ينتفع به ما دامت الدنيا.
قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) جواب القسم الذي هو (وَالسَّماءِ) الخ ، والمراد بالفصل الحكم الذي ينفصل به الحق من الباطل. قوله : (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) أي بل هو جد كله ، فالواجب أن يكون مهابا في الصدر ، معظما في القلوب ، كيف وهو خطاب رب العالمين لعباده ، فالإصغاء إليه والاستماع له ، والائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه فرض. قوله : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) اختلف فيها فقيل : هي القاء الشبهات كقولهم (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا* مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ونحو ذلك ، وقيل : قصد قتله صلىاللهعليهوسلم ، والأحسن أن يراد ما هو أعم. قوله : (وَأَكِيدُ كَيْداً) أي أجازيهم على كيدهم ، وسمي الجزاء كيدا مشاكلة ، وقيل : المعنى أعاملهم معاملة ذي الكيد ، بأن أمدهم ظاهرا بالنعم استدراجا لهم ، وعليه اقتصر المفسر.
قوله : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) أي لا تستعجلهم بالانتقام منهم ولا بالدعاء عليهم. قوله : (مخالفة اللّفظ) أي من حيث إن الأول مسند للظاهر مع التضعيف ، والثاني مسند للضمير مع الهمز. قوله : (على