(مَكِينٍ) (٢٠) ذي مكانة متعلق به عند (مُطاعٍ ثَمَ) أي تطيعه الملائكة في السماوات (أَمِينٍ) (٢١) على الوحي (وَما صاحِبُكُمْ) محمد صلىاللهعليهوسلم عطف على أنه إلى آخر المقسم عليه (بِمَجْنُونٍ) (٢٢) كما زعمتم (وَلَقَدْ رَآهُ) رأى محمد صلىاللهعليهوسلم جبريل على صورته التي خلق عليها (بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢٣) البيّن ، وهو الأعلى بناحية الشرق (وَما هُوَ) أي محمد صلىاللهعليهوسلم (عَلَى الْغَيْبِ) ما غاب من الوحي وخبر السماء (بِضَنِينٍ) (٢٤) بمتهم ، وفي قراءة بالضاد أي ببخيل فيقتنص شيئا منه (وَما هُوَ) أي القرآن (بِقَوْلِ شَيْطانٍ) مسترق السمع (رَجِيمٍ) (٢٥) مرجوم (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٢٦) فأي طريق تسلكون في إنكاركم القرآن وإعراضكم عنه (إِنْ) ما (هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة (لِلْعالَمِينَ) (٢٧) الإنس
____________________________________
قُوَّةٍ) أي فكان من قوته ، أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود ، وحملها على جناحه ، فرفعها إلى السماء ثم قلبها ، وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى عليهالسلام ، فنفخه بجناحه نفخة إلقاه إلى أقصى جبل خلف الهند ، وأنه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين ، وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ثم يصعد في أسرع من رد الطرف. قوله : (ذي مكانة) أي إكرام وتشريف. قوله : (متعلق به عند) أي فهو حال من (مَكِينٍ) وأصله وصف ، فلما قدم نصب حالا ، وقوله : (ثَمَ) ظرف مكان للبعيد ، والعامل فيه مطاع. قوله : (أي تطيعه الملائكة) تفسير لقوله : (مُطاعٍ) وقوله : (في السماوات) تفسير لقوله : (ثَمَّ). قوله : (عطف على أنه) الخ ، أي فهو من جملة المقسم عليه بالأقسام السابقة ، وفي الحقيقة ذكر جبريل الأوصاف المذكورة ، توطئة لذكر محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأن المقصود منه قولهم (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً* أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) لا تعداد فضائل جبريل ومحمد ، خلافا للزمخشري الزاعم أن تلك الآية تشهد بتفضيل جبريل على محمد ، بل إذا أمعنت النظر ، وجدت إجراء تلك الصفات على جبريل في هذا المقام ، دال على بلوغ الغاية في تعظيم محمد ، حيث جعل السفير بينه وبين الله ، هذا الملك الموصوف بتلك الصفات ، وفضل المصطفى مصرح به في هذا الكتاب ، وفي سائر الكتب السماوية ، كالشمس في رابعة النهار ، هذا زبدة ما أفادته الأئمة في هذا المقام.
قوله : (وَلَقَدْ رَآهُ) معطوف على قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) أيضا فهو من جملة المقسم عليه ، وهذه الرؤية كانت في غار حراء ، حين رآه على كرسيه بين السماء والأرض في صورته الأصلية ، وكان قد سأله أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها ، فوعده بحراء ، ثم انجز له الوعد ، وتقدم بسطه في قوله تعالى : (فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى.) الخ. قوله : (عَلَى الْغَيْبِ) متعلق بظنين. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (أي ببخيل) أي فلا يبخل به عليكم ، بل يخبركم به على طبق ما أمر ، ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده ، حتى يأخذ عليه حلوانا.
قوله : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ) الخ ، نفي لقولهم : إنه كهانة وسحر. قوله : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) أين ظرف مكان مبهم منصوب بتذهبون كما قال المفسر ، فأي طريق تسلكون ، حيث نسبتموه للجنون أو الكهانة أو السحر أو الشعر؟ وهو بريء من ذلك كله ، كما تقول لمن ترك الطريق الجادة بعد ظهورها : هذا