(كَلَّا) حقا (لَمَّا يَقْضِ) لم يفعل (ما أَمَرَهُ) (٢٣) به ربه (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ) نظر اعتبار (إِلى طَعامِهِ) (٢٤) كيف قدّر ودبر له (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ) من السحاب (صَبًّا) (٢٥) (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ) بالنبات (شَقًّا) (٢٦) (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا) (٢٧) كالحنطة والشعير (وَعِنَباً وَقَضْباً) (٢٨) هو القت الرطب (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً) (٢٩) (وَحَدائِقَ غُلْباً) (٣٠) بساتين كثيرة الأشجار (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (٣١) ما ترعاه البهائم ، وقيل التبن (مَتاعاً) متعة أو تمتيعا ، كما تقدم في السورة قبلها (لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٢) تقدم فيها أيضا (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) (٣٣) النفخة الثانية (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) (٣٤) (وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) (٣٥)
____________________________________
به ، فالقابر هو الدافن باليد ، والمقبر هو الله تعالى لأمر به. قوله : (جعله في قبر يستره) أي ولم يجعل ممن يلقى للطيور والسباع اكراما له.
قوله : (ثُمَّ إِذا شاءَ) مفعول المشيئة محذوف ، والتقدير : إذا شاء انشاره أنشره. قوله : (حقا) أي فتكون متعلقة بما بعدها أي حقا ، لم يفعل ما أمره به ربه ، وحينئذ فلا يحسن الوقف على كلا ، ويصح أن تكون حرف ردع وزجر للإنسان ، عما هو عليه من التكبر والتجبر ، قوله : (لَمَّا يَقْضِ) بيان لسبب الردع والزجر. قوله : (لَمَّا يَقْضِ) أي لم يفعل الإنسان من أول مدة تكليفه إلى حين اقباره ما فرضه الله عليه. قوله : (ما أَمَرَهُ) (به ربه) أشار بذلك إلى أن (ما) موصولة بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، والضمير عائد على الإنسان المتقدم ذكره وهو الكافر.
قوله : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ) الخ بيان لتعداد النعم المتعلقة بحياته في الدنيا ، إثر بيان النعم المتعلقة بإيجاده. قوله : (من السحاب) أي بعد نزوله من السماء. قوله : (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ) (بالنبات) أي الذي هو أضعف الأشياء. قوله : (وَعِنَباً) عطف على (حَبًّا.) قوله : (هو القت الرطب) أي علف الدواب الرطب ، وسمي قضبا لأنه يقضب ، أي يقطع مرة بعد أخرى. قوله : (غُلْباً) جمع أغلب وغلباء ، كأحمر وحمراء. قوله : (كثيرة الأشجار) أي فإسناد الغلب لها مجاز ، إذ هو وصف للأشجار. قوله : (وَفاكِهَةً) إما عطف على (عِنَباً) من عطف العام على الخاص ، أو على (حَدائِقَ) فهو عطف خاص على عام. قوله : (وَأَبًّا) إما من أبه إذا أمه وقصده ، لأنه يقصد المرعى ، وأب لكذا إذا تهيأ له ، لأنه متهيىء للرعي. قوله : (ما ترعاه البهائم) أي رطبا أو يابسا ، فهو أعم من القضب. قوله : (وقيل التبن) أي وعليه فالمغايرة بينه وبين القضب ظاهرة. قوله : (متعة أو تمتيعا) أشار بذلك إلى أن (مَتاعاً) يصح أن يكون مفعولا لأجله ، أو مفعولا مطلقا ، عامله محذوف تقديره : فعل ذلك متاعا ، أو متعتكم تمتيعا. قوله : (تقدم فيها أيضا) أي وهو تفسير النعم بأنها البقر والإبل والغنم ، وتقدم لنا أنه خصها لشرفها.
قوله : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) شروع في بيان أحوال معادهم ، إثر بيان مبدأ خلقهم ومعاشهم ، والصاخة الداهية التي تضخ آذان الخلائق ، أي تصمها لشدة وقعها ، وصفت بذلك مجازا ، لأن الناس يصخون منها. قوله : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الخ ، أي وسبب هروبه ، إما حذرا من مطالبتهم له بحقوقهم ، فالأخ يقول : لم تواسني بمالك ، والأبوان يقولون : قصرت في برنا ، والصاحبة تقول : لم توفني حقي ، والبنون يقولون : ما علمتنا وما أرشدتنا ، أو لما يتبين له من عجزهم وعدم نفعهم له ، أو لكثرة شغل الإنسان بنفسه فيدهش من غيره ، وكل واقع. قوله : (بدل إذا) أي بدل كل أو بعض ، والعائد محذوف أي يفر فيه.