يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ) أي الملائكة في قوّتهم وأعوانهم (إِلَّا هُوَ وَما هِيَ) أي سقر (إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) (٣١) (كَلَّا) استفتاح بمعنى ألا (وَالْقَمَرِ) (٣٢) (وَاللَّيْلِ إِذْ) بفتح الذال (أَدْبَرَ) (٣٣) جاء بعد النهار ، وفي قراءة إذ أدبر بسكون الذال بعدها همزة ، أي مضى (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) (٣٤) ظهر (إِنَّها) أي سقر (لَإِحْدَى الْكُبَرِ) (٣٥) البلايا العظام (نَذِيراً) حال من إحدى ، وذكر لأنها بمعنى العذاب (لِلْبَشَرِ) (٣٦) (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ) بدل من البشر (أَنْ يَتَقَدَّمَ) إلى الخير أو الجنة بالإيمان (أَوْ يَتَأَخَّرَ) (٣٧) إلى الشر أو النار بالكفر (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣٨) مرهونة مأخوذة بعملها في النار (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٣٩) وهم المؤمنون فناجون منها كائنون (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) (٤٠) بينهم (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١) وحالهم ويقولون لهم بعد إخراج الموحد من النار (ما سَلَكَكُمْ) أدخلكم (فِي
____________________________________
أعوان إلا تسعة عشر. قوله : (أي سقر) اعاد الضمير على سقر ، ويجوز أن يعود على الآيات المذكورة فيها.
قوله : (إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) أي يتذكرون ويعلمون كمال قدرته تعالى. قوله : (استفتاح بمعنى ألا) أي فأتى بها تعظيما للمقسم عليه ، وحينئذ فالوقف على ما قبلها ، وقيل : إنها حرف ردع وزجر ، وعليه فيوقف عليها. قوله : (بفتح الذال) أي فإذا ظرف لما يستقبل ، ودبر فعل ماض بوزن ضرب ، وقوله : (في قراءة) الخ ، أي فإذا ظرف لما مضى من الزمان و (أَدْبَرَ) بوزن أكرم ، والقراءتان سبعيتان ، والرسم محتمل لكل منهما ، إذ الصورة الخطية لا تختلف ، وقرىء شذوذا إذا أدبر بألفين ، واختلفوا أهل دبر وأدبر بمعنى واحد ، أو دبر معناه جاء ، وأدبر بمعنى مضى ، وهو الذي مشى عليه المفسر. قوله : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) جواب القسم. قوله : (حال من إحدى) هذا أحد احتمالات كثيرة نحو احد عشر وهو اظهرها. قوله : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ) الخ ، هذا وعيد وتهديد نظير قوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ).
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ) أي مؤمنة أو كافرة عاصية أو غير عاصية ، فالاستثناء متصل. قوله : (رَهِينَةٌ) أي على الدوام بالنسبة للكفار ، وعلى وجه الانقطاع بالنسبة لعصاة المؤمنين. قوله : (مأخوذة بعملها) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية ، والكسب بمعنى العمل. قوله : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) قد علمت أن الاستثناء متصل ، وأهل اليمين يعم العصاة وغيرهم ، لأن الكل ناجون من الرهينة ، إما ابتداء ودواما ، وإما دوما. قوله : (كائنون) (فِي جَنَّاتٍ) اشار بذلك إلى أن قوله : (فِي جَنَّاتٍ) متعلق بمحذوف خبر مبتدأ مقدر أي هم ، وهذه الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر ، والتقدير ما شأنهم وحالهم. قوله : (يَتَساءَلُونَ) أي يسأل بعضهم بعضا ، قوله : (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) أي الكافرين ، والكلام على حذف مضاف ، أي عن حالهم. قوله : (ويقولون لهم) أي للمجرمين ، وهذا القول خطاب أهل الجنة لأهل النار ، وهو غير السؤال المتقدم فيما بينهم. والحاصل أن أهل الجنة حين يستقرون فيها ، وينادي المنادي : يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت ، يسأل بعضهم بعضا عن معارفهم المجرمين الذين خلدوا في النار ، ثم يكشف لهم عنهم فيخاطبونهم بقولهم (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ).