في حال التعذيب (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) فكشف لها فرأته ، فسهل عليها التعذيب (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) وتعذيبه (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١١) أهل دينه ، فقبض الله روحها ، وقال ابن كيسان : رفعت إلى الجنة حية ، فهي تأكل وتشرب (وَمَرْيَمَ) عطف على امرأة فرعون (ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) حفظته (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) أي جبريل ، حيث نفخ في جيب درعها بخلق الله تعالى ، فعله الواصل إلى فرجها ، فحملت بعيسى (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) شرائعه (وَكُتُبِهِ) المنزلة (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢) أي من القوم المطيعين.
____________________________________
أن فرعون أمر بصخرة عظيمة لتلقى عليها ، فلما أتوها بالصخرة قالت (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) فأبصرت البيت من مرمرة بيضاء ، وانتزعت روحها ، فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه ، ولم تجد ألما. قوله : (واستقبل بها الشمس) أي جعلها مواجهة للشمس ، وهو معطوف على قوله : (أوتد يديها) وليس متأخرا عن إلقاء الرحى ، لأن إلقاء الرحى كان في آخر الأمر ، لما أيس من رجوعها عن الإيمان ، فالواو لا تقتضي ترتيبا.
قوله : (ابْنِ لِي عِنْدَكَ) أي قريبا من رحمتك ، فالعندية عندية مكانة لا مكان. قوله : (وتعذيبه) عطف تفسير لعمله. قوله : (عطف على امرأة فرعون) أي فهي من جملة المثل الثاني ، فمثل حال المؤمنين بامرأتين ، كما مثل حال الكفار بامرأتين. قوله : (حفظته) أي عن الرجال ، فلم يصل إليها أحد بنكاح ولا بزنا. قوله : (أي جبريل) تفسيرا (رُوحِنا.) قوله : (حيث نفخ) الخ ، بين به أن الإسناد في نفخنا ، من حيث إنه الخالق والموجد ، والإسناد لجبريل من حيث المباشرة. قوله : (بخلق الله) بيان لحقيقة الإسناد. قوله : (فعله) أي فعل جبريل وهو النفخ ، قوله : (الواصل إلى فرجها) أي بواسطة كونه في جيب القميص قوله : (فحملت بعيسى) أي عقب النفخ ، فالنفخ والحمل والوضع في ساعة واحدة ، كما تقدم في سورة مريم. قوله : (وَكُتُبِهِ) (المنزلة) أي في زمانها ، كالتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم. قوله : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أي معدودة منهم ، فيه إشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين. قوله : (أي من القوم المطيعين) أي وهم رهطها وعشيرتها ، لأنها من أهل بيت صالحين ، من أعقاب هارون أخي موسى عليهماالسلام.