(أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) خبر عسى ، والجملة جواب الشرط ، ولم يقع التبديل لعدم وقوع الشرط (مُسْلِماتٍ) مقرات بالإسلام (مُؤْمِناتٍ) مخلصات (قانِتاتٍ) مطيعات (تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ) صائمات أو مهاجرات (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٥) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ
____________________________________
وعشرين ليلة ، فقال لها : هذا الشهر تسع وعشرون ليلة ، ولما بلغ عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم اعتزل نساءه ، وشاع عند الناس أنه طلقهن ، أتاه فوجده في مشربة ، قال عمر : فدخلت علي حفصة وهى تبكي ، فقلت : أطلقكن رسول الله؟ قالت : لا ادري ها هو ذا معتزل في هذه المشربة ، فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت فسلمت عليه ، فإذا هو متكىء على رمال حصير قد أثر في جنبه ، فقلت : يا رسول أطلقت نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال : لا ، فقلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنا معشر قريش نغلب النساء ؛ فلما قدمنا المدينة ، وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ، فما زال يلاطفه بالكلام حتى تبسم ، وقال له : يا رسول الله ، لا يشق عليك من أمر النساء ، فإن كنت طلقتهن ، فإن الله معك ، وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك ، قال عمر : وقلما تكلمت بكلام ، إلا رجوت الله يصدق قولي الذي أقوله ، فنزلت هذه الآية وآية (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) الخ ، فاستأذن عمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه ، فأذن له ، فقام على باب المسجد ونادى بأعلى صوته : لم يطلق رسول الله نساءه ، قالت عائشة : ثم بعد هذه القضية نزلت آية التخيير ، فبدأ بي فاخترته ، ثم خيرهن فاخترنه ، وآية التخيير هي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) إلى قوله (عَظِيماً.) قوله : (إِنْ طَلَّقَكُنَ) أي جميعا ، فلا ينافي أنه وقع منه طلاق لحفصة طلقة واحدة وأمر بمراجعتها ، فطلاقه لها كالعدم ، فالتعليق إنما هو على تطليق الجميع ، مع عدم المراجعة والتبديل للكل ، لكونه مرتبا على تطليق الكل. قوله : (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (خَيْراً مِنْكُنَ) أي بأن يطردكن ويأتي له بنساء أخر خيرا منكن ، إذ قدرة الله صالحة لرفع اقوام ووضع آخرين ، فلا يقال كيف تكون المبدلات خيرا منهن ، مع أنه لم يكن على وجه الأرض نساء خير منهن ، لأننا نقول قدرة الله صالحة لذلك إن حصل المعلق عليه وهو لم يحصل. قوله : (خبر عسى) أي جملة (أَنْ يُبْدِلَهُ.) قوله : (والجملة جواب الشرط) أي جملة عسى واسمها وخبرها. إن قلت : إن هذه الجملة فعلها جامد ، والجملة إذا كانت كذلك ، ووقعت جواب شرط ، وجب اقترانها بالفاء ، فالمناسب أن تجعل دليل جواب محذوف. قوله : (ولم يقع التبديل) جواب عما يقال : إن الترجي في كلام الله للتحقيق مع أنه لم يحصل هنا ، فأجاب : بأنه معلق على شرط وهو التطليق للكل ولم يطلقهن ، وأجيب : بأن (عَسى) هنا للتخويف.
قوله : (تائِباتٍ) أي راجعات عن الزلات والهفوات. قوله : (عابِداتٍ) أي خاضعات متذللات. قوله : (صائمات) هذا قول ابن عباس ، وسمى الصائم سائحا ، لأن السائح لا زاد معه ، فلا يزال ممسكا إلى أن يجد ما يطعمه ، فكذلك الصائم يمسك إلى أن يجيء وقت إفطاره. قوله : (أو مهاجرات) هذا قول الحسن. قوله : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) أي بعضهن كذا ، وبعضهن كذا ، ودخلت الواو بين الوصفين لتغايرهما دون سائر الصفات ، والثيب من ثاب يثوب أي رجع ، سميت بذلك لأنها راجعة إلى زوجها إن اقام معها ، أو إلى غيره إن فارقها ، أو لأنها رجعت إلى بيت أبويها ، والأبكار جمع بكر وهي