(قَدْراً) (٣) ميقاتا (وَاللَّائِي) بهمزة وياء ، وبلا ياء في الموضعين (يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) بمعنى
____________________________________
فلا بد من انفاذ مراده ، حصل من الشخص توكل أم لا ، لكن من توكل يكفر عنه سيئاته ، ويعظم له أجرا. قوله : (وفي قراءة بالاضافة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي تقديرا لا يتعداه ، ولو اجتمعت جميع الخلائق على أن لا يتعدوه لا يقدرون ، وهذه الآية تستعمل لدفع كرب الدنيا والآخرة ، لما ورد في الحديث : «إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)» فما زال يقرؤها ويعيدها. وورد أيضا : من انقطع إلى الله ، كفاه الله كل مؤنة ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله اليها ، ومعنى انقطع إلى الله ، أنه إذا اتقى وآثر الحلال والصبر على أهله ، فإنه يفتح الله عليه إن كان ذا ضيق ، ويزرقه من حيث لا يحتسب. وورد أيضا : «من أكثر من الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب».
ـ لطيفة ـ ذكر الأجهوري في فضائل رمضان حكاية مناسبة للمقام ، وهي أن قوما ركبوا البحر ، فسمعوا هاتفا يقول : من يعطني عشرة آلاف دينار ، حتى أعلمه كلمة إذا أصابه غم أو أشرف على هلاك فقالها ، انكشف ذلك عنه ، فقام من أهل المركب رجل معه عشرة آلاف دينار فصاح : أيها الهاتف أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وعلمني ، فقال : ارم بالمال في البحر فرمى به ، فسمع الهاتف يقول : إذا أصابك هم أو أشرفت على الهلاك فاقرأ (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) إلى آخر الآية ، فقال جميع من في المركب للرجل : لقد ضيعت مالك ، فقال : كلا إن هذه لفظة ما أشك في نفعها ، قال : فلما كان بعد أيام ، كسر بهم المركب ، فلم ينج منهم غير ذلك الرجل ، فإنه وقع على لوح وطرحه البحر على جزيرة ، قال : فصعدت أمشي فيها ، فإذا بقصر منيف فدخلته فإذا فيه كل ما يكون في البحر من الجواهر وغيرها ، وإذا بامرأة لم أر قط أحسن منها ، فقلت لها : من أنت؟ وأي شيء تعملين ههنا؟ قالت : أنا بنت فلان التاجر بالبصرة ، وكان أبي عظيم التجارة ، وكان لا يصبر عني ساعة ، فسافر بي معه في البحر ، فانكسر مركبنا فاختطفت حتى حصلت في هذه الجزيرة ، فخرج إلي شيطان من البحر ، فتلاعب بي سبعة أيام من غير أن يطأني ، إلا أنه يلامسني ويؤذيني ويتلاعب بي ، ثم ينظر إلي ثم ينزل في البحر سبعة أيام ، وهذا يوم موافاته ، فاتق الله في نفسك واخرج قبل موافاته ، وإلا أتى عليك ، فما انقضى كلامها حتى رأيت ظلمة هائلة فقالت : قد والله جاء وسيهلكك ، فلما قرب مني وكاد يغشاني قرأت الآية ، فإذا هو خر كقطعة جبل ، إلا أنه رماد محترق ، فقالت المرأة : ملك والله وكفيت أمره ، ومن أنت يا هذا الذي منّ الله علي بك؟ فقمت أنا وهي ، فانتخبنا ذلك الجواهر ، حتى حملنا كل ما فيه من نفيس وفاخر ، ولزمنا الساحل نهارنا ، فإذا كان الليل رجعنا إلى القصر ، قال : وكان فيه كل ما يؤكل فقلت لها : من أين لك هذا؟ قالت : وجدته ههنا ، فلما كان بعد أيام ، رأينا مركبا بعيدا ، فلوحنا اليه فدخل فحملنا ، فسرنا يسيرا إلى البصرة ، فوصفت لي منزل أهلها فأتيتهم فقالوا : من هذا؟ فقلت : رسول فلانة بنت فلان ، فارتفعت الناعية فقالوا : يا هذا لقد جددت علينا مصابنا ، فقلت : اخرجوا فخرجوا ، فأخذتهم حتى أتيت بهم إلى ابنتهم ، فكادوا يموتون فرحا ، وسألوها عن خبرها ، فقصته عليهم وسألتهم أن يزوجوني بها ففعلوا ، وجعلنا ذلك الجواهر رأس مال بيني وبينها ، وأنا اليوم أيسر أهل البصرة ، وهؤلاء أولادي منها ، انتهى.
قوله : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) الخ ، سبب نزولها : أنه لما نزل قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ