بها (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) المصدقة للنبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره هذا المثل (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥) الكافرين (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦) تعلق بتمنوا الشرطان على أن الأول قيد في الثاني ، أي ان صدقتم في زعمكم أنكم أولياء لله ، والولي يؤثر الآخرة ومبدؤها الموت فتمنوه (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من كفرهم بالنبي المستلزم لكذبهم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٧) الكافرين (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ) الفاء زائدة (مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) السر والعلانية (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨) فيجازيكم به (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ) بمعنى في (يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا) فامضوا (إِلى ذِكْرِ
____________________________________
الْقَوْمِ) فاعل (بِئْسَ) وقوله : (الَّذِينَ كَذَّبُوا) صفة للقوم. قوله : (بِآياتِ اللهِ) أي دلائل وحدانيته وعظمته. قوله : (الكافرين) أي الذين سبق في علمه كفرهم ، وهذا المثل يضرب لكل من تحمل القرآن ولم يعمل به.
قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) أي تمسكوا باليهودية وهي ملة موسى عليهالسلام ، وسبب نزولها : أن اليهود زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وادعوا أنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يظهر كذبهم بتلك الآية. قوله : (أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ) هذه الجملة سدت مسد مفعولي زعم و (لِلَّهِ) متعلق بأولياء وكذا قوله : (مِنْ دُونِ النَّاسِ.) قوله : (تعلق بتمنوا الشرطان) أي وهما (إِنْ زَعَمْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.) قوله : (على أن الأول قيد في الثاني) أي شرط فيه ، وهذا إشارة لقاعدة ، وهي أنه إذا اجتمع شرطان ، وتوسط الجواب بينهما ، كان الأول قيدا في الثاني ، وأما إن تأخر الجواب عنهما معا ؛ أو تقدم عليهما معا ، فإن الثاني يكون قيدا في الأول نحو : إن دخلت دار زيد ، إن كلمت زوجته ، فأنت طالق ، فلا تطلق إلا بكلام الزوجة الكائن بعد دخول الدار ، وأما دخول الدار وحده ، أو الكلام خارج الدار ، فلا تطلق به. قوله : (ومبدؤها) أي طريقها.
قوله : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ) عبر هنا بلا ، وفي البقرة بلن ، حيث قال : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) إشارة إلى أنه نفى عنهم التمني ، على كل حال مؤكدا كما في البقرة ، وغير مؤكد كما هنا. قوله : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) الباء سببية متعلقة بالنفي. قوله : (من كفرهم) بيان لما. قوله : (الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) أي تخافون من تمنيه ، مخافة أن ينزل بكم فتؤخذوا بأعمالكم. قوله : (الفاء زائدة) هذا أحد الوجهين ، والثاني أنها داخلة لما تضمنه الاسم من معنى الشرط ، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول. قوله : (السر والعلانية) لف ونشر مرتب. قوله : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) المراد به الأذان عند جلوس الخطيب على المنبر ، وذلك لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم نداء سواه ، فكان له مؤذن واحد ، إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد ، فإذا نزل أقام الصلاة ، ثم كان أبو بكر وعمر وعلي بالكوفة على ذلك ، حتى كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل ، زاد أذانا آخر ، فأمر بالتأذين أولا على داره التي تسمى الزوراء ، فإذا سمعوا أقبلوا ، حتى إذا جلس على المنبر أذن المؤذن ثانيا ، ولم يخالفه أحد في ذلك الوقت لقوله صلىاللهعليهوسلم : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي». قوله : (بمعنى في) هذا أحد وجهين ، والثاني أنها بيان لإذا نودي وتفسير لها.