لَكُمْ وَأَطْهَرُ) لذنوبكم (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) ما تتصدقون به (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمناجاتكم (رَحِيمٌ) (١٢) بكم ، يعني فلا عليكم في المناجاة من غير صدقة ، ثم نسخ ذلك بقوله (أَأَشْفَقْتُمْ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه ، أي أخفتم من (أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الفقر (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) الصدقة (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) رجع بكم عنها (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي دوموا على ذلك (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٣) (أَلَمْ تَرَ) تنظر (إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا) هم المنافقون (قَوْماً) هم اليهود (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ) أي المنافقون (مِنْكُمْ) من المؤمنين (وَلا مِنْهُمْ) من اليهود بل هم مذبذبون (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) أي قولهم إنهم مؤمنون (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤) أنهم كاذبون فيه
____________________________________
باتساعه ، فلعل الأغنياء كانوا غائبين ، والفقراء لم يكن بأيديهم شيء. قوله : (أردتم مناجاته) أشار بذلك إلى أن الماضي ليس على حقيقته أخذا من قوله : (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ).
قوله : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) أي التقديم خير لما فيه من طاعة الله ورسوله. قوله : (يعني فلا عليكم) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف ، وقوله : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تعليل للمحذوف ودليل عليه. قوله : (ثم نسخ ذلك) أي الأمر بتقديم الصدقة بعد أن استمر زمنا ، قيل هو ساعة ، وقيل يوم ، وقيل عشرة أيام ، واختلفوا في الناسخ للأمر ، فقيل هو الآية بعده وعليه المفسر تبعا للجمهور ، وقيل هو آية الزكاة. قوله : (بقوله) (أَأَشْفَقْتُمْ) الخ ، مراده الآية بتمامها. قوله : (بتحقيق الهمزتين) الخ ، أشار بذلك لأربع قراءات سبعيات ، وبقي قراءة خامسة سبعية ، وذلك لأن التحقيق إما مع إدخال ألف أو بدونه. قوله : (الفقر) أشار بذلك إلى أن مفعول (أَأَشْفَقْتُمْ) محذوف ، والمعنى أخفتم من تقديم الصدقة الاحتياج؟.
قوله : (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) يحتمل أن إذ باقية على بابها من المضي ، والمعنى : إن تركتم ذلك فيما مضى ، فتداركوه بإقامة الصلاة الخ ، ويحتمل أنها بمعنى إن الشرطية. قوله : (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) الجملة حالية أو مستأنفة معترضة بين الشرط وجوابه. قوله : (رجع بكم عنها) أي عن وجوبها ، فنسخها تخفيفا عليكم. قوله : (أي دوموا على ذلك) أي المذكور من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً) الخ ، المقصود من هذه الآية ، التعجب من حال المنافقين الذين كانوا يتخذون اليهود أولياء ، ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين. وسبب نزولها : أن عبد الله بن نبتل المنافق ، كان يجالس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويرفع حديثه إلى اليهود ، فبينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجرة من حجره إذ قال : يدخل عليكم اليوم رجل قلبه قلب جبار ، وينظر بعيني شيطان ، فدخل عبد الله بن نبتل ، وكان أزرق العين ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل ، وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه ، فنزلت هذه الآية. قوله : (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) إخبار عنهم بأنهم ليسوا من المؤمنين الخلص ، ولا من الكافرين الخلص ، لا ينتسبون إلا هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وهذه الجملة إما مستأنفة أو حال من فاعل (تَوَلَّوْا). قوله : (بل هم مذبذبون) أي مترددون بين الإيمان الخالص والكفر الخالص ، لأن فيهم طرفا من الإيمان بحسب ظاهرهم ، وطرفا من الكفر بحسب باطنهم.