أدلتها (١) بوجه (٢) ، وتعرّضها (٣) لبيان حكم موردها لا يوجب (٤) كونها (٥) ناظرة إلى
______________________________________________________
موضوعها هو الحرمة الظاهرية أو عدم الحلية الظاهرية ، وإلغاؤها لا ربط له بإلغاء حرمة شرب التتن المترتبة على ذات الشرب لا على المحتمل.
فإنه يقال : أوّلا : أن النظر المعتبر في الدليل الحاكم عند الشيخ «قدسسره» هو الدلالة اللفظية التي يعبر عنها بالشرح والتفسير ، والنظر بهذا المعنى مفقود في الأمارات. ففرق بين تعرض أحد الدليلين لذات مدلول الآخر وبين تعرضه له بما هو مدلوله ، والرافع للمنافاة ـ المسمّى بالحاكم ـ هو الثاني لا الأول ، والمفروض : أن الأمارة لا بمدلولها ولا بدليل اعتبارها ليست شارحة لما يراد من مثل «كل شيء لك حلال».
وثانيا : أن النظر إن كان أعم من الدلالة الالتزامية العقلية لزم أن يكون دليل الأصل أيضا حاكما على الأمارة ، ضرورة : أن مقتضى الأصل هو الحلية التي هي مورد الأمارة الدالة على الحرمة ، ومن المعلوم : منافاة الحل والحرمة ، ودلالة كل منهما بالالتزام العقلي على نفي الآخر. وهذا معنى حكومة كل من الدليلين المتنافيين ـ بحسب المفاد ـ على الآخر وهو كما ترى.
وعليه : فلا بد أن يراد بالنظر الدلالة اللفظية دون العقلية الثابتة في كل دليل ، حيث إن مدلوله المطابقي ثبوت الحكم لموضوعه ومدلوله الالتزامي العقلي نفي غير ذلك الحكم عن موضوعه.
وقد عرفت : انتفاء النظر اللفظي في الأمارات ، سواء كان المقصود حكومة نفس الأمارة على الأصل أم حكومة دليلها على دليله.
فالنتيجة هي : عدم حكومة الأمارات على الأصول الشرعية ؛ لعدم انطباق ضابط الحكومة عليها ؛ هذا كما في «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٤٢» مع تصرف ما منّا.
(١) أي : أدلة الأمارات.
(٢) أي : بشيء من الدلالات اللفظية الشارحة لمعنى الكلام.
(٣) يعني : «ومجرد تعرّض الأمارات لبيان حكم مورد الأصول ...» الخ.
وهذا إشارة إلى توجيه الحكومة وإثبات النظر للأمارات بما ذكرناه آنفا من قولنا : لا يقال : «الأمارة ناظرة» ، وضمير «موردها» راجع إلى الأصول.
(٤) خبر «وتعرّضها» ، ودفع لتوجيه حكومة الأمارات على الأصول ، وقد عرفت توضيح الدفع بوجهين.
(٥) أي : كون الأمارات ، وضمائر «لها ، أدلتها» في الموضعين راجعة إلى الأصول.