وعلى هذا الأساس فلا يكون وجوب الوفاء بالنذر أو ما يشبهه مانعاً عن وجوب الحج ورافعاً لموضوعه ، فان موضوعه ـ وهو وجدان الزاد والراحلة مع أمن الطريق ـ موجود بالوجدان ، بل الأمر بالعكس ، فان وجوب الحج على هذا مانع عن وجوب الوفاء بالنذر ورافع لموضوعه ، حيث ان وجوب الوفاء به منوط بكون متعلقه مقدوراً للمكلف عقلا وشرعا. ومن الواضح ان وجوب الحج عليه معجز مولوي عن الوفاء به فلا يكون معه قادراً عليه ، فاذن ينتفي وجوب الوفاء به بانتفاء موضوعه.
__________________
ـ المزبورة وهو وجود مئونة العيال وكفايتهم حتى يرجع إليهم بمقتضى قوله عليهالسلام في صحيحة ابن محبوب فما السبيل قال : «فقال عليهالسلام : السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعضا لقوت عياله أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها الا على من يملك مائتي درهم» وهو يدل على اعتبار وجود مئونة العيال إلى زمان الرجوع إليهم في وجوب الحج ، وانه لا يكفي في وجوبه وجود ما يفي بحجه فحسب. وعليه فلا محالة تكون هذه الصحيحة مقيدة لإطلاقات الروايات المتقدمة بصورة ما إذا كان المال واسعا بحيث يفي لحجه ولقوت عياله إلى زمان الرجوع معاً ، ولا يكفي مجرد وفائه للأول دون الثاني.
نعم لو كنا نحن وإطلاقات تلك الروايات مع الغض عن هذه الصحيحة لكان مقتضاها وجوب الحج على من كان عنده مال يفي بحجه فحسب وان لم تكن عنده كفاية عياله إلى يوم الرجوع الا ان تلك الصحيحة تدل على اعتبار وجود الكفاية فيه.
وقد تحصل مما ذكرناه امران :
الأول ـ ان وجود مقدار قوت العيال إلى وقت الرجوع شرط لوجوب فريضة الحج.
الثاني ـ انه لا وجه لتفسير الاستطاعة بالتمكن من أداء فريضة الحج عقلا وشرعا ، كما هو المشهور ، لما عرفت من ان الروايات مطبقة على خلاف هذا التفسير ، وانه تفسير خاطئ بالنظر إلى الروايات والنصوص الواردة في هذا الباب.
ونتيجة ما قدمناه لحد الآن هي ان الشرط لوجوب الحج على ما يستفاد من جميع روايات الباب ، هو وجدان الزاد الكافي لحجه ولقوت عياله إلى زمان الرجوع والراحلة مع أمن الطريق.
.