فيقدم عليه وان كانا متساويين فيحكم بالتخيير بينهما ، ولا إشكال فيه من هذه الناحية أصلا ، وإنما الكلام فيه من ناحية أخرى ، وهي انه هل يمكن الالتزام بالترتب فيه أم لا؟
فنقول : انه لا يمكن الالتزام به أصلا. والوجه في ذلك واضح ، وهو انه لا يعقل ان تكون حرمة استدبار الجدي مشروطة بعصيان الأمر باستقبال القبلة وعدم الإتيان بمتعلقه ، ضرورة ان ترك استدبار الجدي في هذا الحال قهري ومعه لا معنى للنهي عنه ، فانه لغو محض وطلب للحاصل ، فلا يصدر من الحكيم ، وكذا لا يعقل ان يكون وجوب استقبال القبلة مشروطاً بعصيان النهي عن استدبار الجدي والإتيان بمتعلقه ، بداهة انه ضروري الوجود عند عصيان النهي عن الاستدبار ، ومعه لا يمكن تعلق الأمر به ، لأنه لغو وطلب للحاصل.
فالنتيجة هي انه لا يمكن الالتزام بالترتب في خصوص هذا الصنف من المتلازمين لا من جانب واحد ولا من جانبين ، وهذا واضح.
بقي هنا شيء ، وهو ان شيخنا الأستاذ (قده) قد أنكر جريان الترتب في موارد اجتماع الأمر والنهي بناء على القول بالجواز ووقوع المزاحمة بينهما. وبيان ذلك هو انه لو قلنا بان التركيب بينها اتحادي كما اختاره المحقق صاحب الكفاية (قده) بدعوى ان تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون فتدخل المسألة في كبرى باب التعارض ، فلا بد من الرجوع إلى قواعد ذلك الباب ، واما ان قلنا بان التركيب بينهما انضمامي بان تكون هناك ماهيتان متعددتان ذاتاً وحقيقة ، ولكن بنينا على سراية الحكم من إحداهما إلى الأخرى ، فائضاً تدخل في ذلك الباب ، وتقع المعارضة بين دليليهما فلا بد من الرجوع إلى قواعدها. وأما إذا بنينا على عدم السراية كما هو الصحيح ، فعندئذ ان كانت هناك مندوحة فلا تزاحم أيضا ، لفرض قدرة المكلف على امتثال كلا الحكمين معاً ، وأما إذا لم تكن مندوحة في البين فتقع المزاحمة بينهما ، فاذن لا بد من الرجوع إلى مرجحات وقواعد بابها. وهذا لا كلام فيه ، وإنما