عدم ملاحظة الترجيح بينهما ، وعدم تقديم الأهم على غيره فهل التخيير الثابت بينهما عقلي أو شرعي ، فهنا مقامان :
الأول ـ ان كبرى مسألة تقديم الأهم على غيره هل تنطبق على المقام (وهو ما إذا كان التزاحم بين واجبين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا) أم لا؟
الثاني ـ ان الحاكم بالتخيير بينهما في صورة تساويهما أو من جهة انه لا وجه لتقديم الأهم على غيره هل هو الشرع أو العقل؟.
اما المقام الأول ، فقد ذهب شيخنا الأستاذ ـ قده ـ إلى انه لا وجه لتقديم الأهم على غيره. وقد أفاد في وجه ذلك ان الأهمية انما تكون سبباً للتقديم فيما إذا كان كل من الواجبين واجداً للملاك التام فعلا ، واما في مثل مقامنا هذا حيث يكون كل من الواجبين مشروطا بالقدرة شرعا فيستحيل ان يكون كل منهما واجداً للملاك بالفعل ، لفرض ان القدرة دخيلة فيه ، والمفروض ـ هنا ـ انه لا قدرة للمكلف على امتثال كليهما معا ، والقدرة انما هي على امتثال أحدهما دون الآخر. وعليه فيكون الملاك في أحدهما لا في غيره. ومن الظاهر أن أهمية طرف لا تكشف عن وجود الملاك فيه دون الطرف الآخر ، ضرورة انا كما نحتمل ان يكون الملاك فيه ، كذلك نحتمل ان يكون في الطرف الآخر ، ومجرد كونه أهم على فرض وجود الملاك فيه لا يكون دليلا على تحققه ووجوده فيه واقعا وحقيقة ، دون ذلك الطرف.
وبتعبير ثان : حيث أن المفروض اشتراط كل من الواجبين بالقدرة شرعا وان لها دخلا في الملاك. ولا ملاك بدونها ، فلا محالة يكون كل منهما صالحا لأن يكون رافعا لملاك الآخر من جهة عدم القدرة عليه بحكم الشارع ، من دون فرق فيه بين ان يكون الملاكان متساويين أو يكون أحدهما أهم من الآخر على فرض وجوده وتحققه. وعلى هذا فأهمية طرف لا تكشف عن وجود الملاك فيه ، دون الطرف الآخر في مقام المزاحمة ، وذلك لصلاحية كل منهما لأن يكون رافعاً لملاك الآخر ولو كان أحدهما أهم من الآخر ، ومجرد كون الملاك في طرف أهم على