جاذبية طبيعية تجره إليها آناً فآناً بحيث لو سلبت منه تلك القوة لا نقطع منه الجذب لا محالة.
ومن ذلك تظهر حال بقية الأمثلة ، فان بقاء الجبال على وضعها الخاصّ وموضعها المخصوص ، وكذا الأحجار والأشجار والمياه وما شاكلها لخصائص طبيعية كامنة في صميم موادها ، والقوة الجاذبية العامة التي تفرض على جميع الأشياء الكونية. وقد صارت عمومية تلك القوة في يومنا هذا من الواضحات. وقد أودعها الله سبحانه وتعالى في صميم هذه الكرة الأرضية للتحفظ على الكرة وما عليها على وضعها ونظامها الخاصّ في حين انها تتحرك في هذا الفضاء الكوني بسرعة هائلة.
وعلى الجملة : فبقاء تلك الظواهر ، والموجودات الممكنة واستمرار وجودها في الخارج معلول لخصائص تلك المواد الطبيعية المحافظة على هذه الظاهرة من ناحية ، والقوة الجاذبة من ناحية أخرى.
فبالنتيجة المحافظ على الموجودات الطبيعية على وضعها الخاصّ وموضعها المخصوص هي خصائصها والجاذبية التي تخضع تلك الظواهر لها ، ولا تملك حريتها حدوثاً وبقاء ، إذاً فلا وجه لتوهم ان تلك الظواهر في بقائها واستمرار وجودها مالكة لحريتها ولا تخضع لمبدإ وسبب.
ونتيجة ذلك نقطتان متقابلتان :
الأولى ـ بطلان نظرية ان سر الحاجة إلى العلة هو الحدوث لأن تلك النظرية مبنية على أساس على عدم فهم معنى العلية فهما صحيحاً وتحديد حاجة الأشياء إلى العلة في إطار خاص ونطاق مخصوص لا يطابق مع الواقع.
الثانية ـ صحة نظرية ان سر الحاجة إلى العلة هو إمكان الوجود ، فان تلك النظرية قد ارتكزت على أساس فهم معنى العلية فهما صحيحاً مطابقاً للواقع وان حاجة الأشياء إلى المبدأ كامنة في صميم وجودها فلا يمكن أن نتصور وجوداً متحرراً عن ذلك المبدأ.