لا يفرق في هذا بين العصيان الفعلي والعصيان التدريجي ، كما ان ملاك استحالته هو لزوم طلب الجمع من ذلك ، ولا يفرق فيه بين معصية واحدة فعلية ومعاصي عديدة تدريجية ، كما هو واضح.
ومثل المقام ما إذا وقعت المزاحمة بين الصلاة الفريضة في آخر الوقت وصلاة الآيات ، فان الأمر بصلاة الآيات حينئذ مترتب على عصيان الفريضة وتركها في مقدار من الزمان الّذي يتمكن المكلف من الإتيان بصلاة الآيات ولا يكفي عصيانها في الآن الأول ، لفرض وجوبها في جميع آيات صلاة الآيات ، فالمكلف بعد عصيانها في الآن الأول وان تمكن من جزء منها ، إلا انه لا يتمكن من بقية اجزائها ، ولكنه حيث علم بأنه يعصى الأمر بالفريضة في الآن الثاني والثالث .. وهكذا علم بطرو التمكن عليه من الإتيان بها بعد الإتيان بالجزء الأول.
ومثله أيضاً ما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الإزالة عن المسجد ووجوب الصلاة ، فان الأمر بالصلاة عندئذ منوط بعصيان الأمر بالإزالة في الآيات التي يقدر المكلف فيها على الإتيان بالصلاة تماماً ، ولا يكفي عصيانها آنا ما ، ولكن المكلف حيث علم بعد عصيانه في الآن الأول بأنه يعصيه في الآن الثاني والثالث .. وهكذا علم بعروض التمكن من الإتيان بها تدريجاً ، وقد عرفت ان القدرة التدريجية كافية في مقام الامتثال ، ولا تعتبر القدرة الفعلية. وعليه فلا مانع من الالتزام بوجوبها من ناحية الترتب ، بل لا مناص من ذلك.
وقد تبين لحد الآن ان تدريجية وجود القدرة مرة من ناحية تدريجية وجود مقتضية وتحققه في الخارج. ومرة أخرى من ناحية تدريجية ارتفاع مانعه. ومرة ثالثة من ناحية تدريجية عصيان الأمر بالأهم.
ومثال الأول ما مر من انه إذا كان عند المكلف ثلج فيذوب شيئاً فشيئاً ولم يكن عنده إناء ليجمع ماءه فيه ثم يتوضأ أو يغتسل به فلا يقدر على جمعه إلا بمقدار يسع كفه. أو إذا فرض خروج الماء من الأرض بمقدار يسعه كفه دون الزائد ،