بها المغرب عند البريطانيين رغم الظروف الصعبة التي كان يجتازها ، ونفس الشيء حدث عند وصولهم لإيطاليا التي خصتهم باستقبال حار وكبير ، توج بالاستقبال العظيم (١) الذي خصهم به ملكها الذي قطع إجازته الصيفية وعاد إلى مدينة طورين خصيصا لاستقبالهم وكلف ولي عهده بالعناية بهم وتكريمهم بالعودة على متن أكبر السفن الإيطالية إلى المغرب.
كما أشير في هذه الدراسة إلى اللقاء الهام الذي أجراه السفير الزبيدي مع ولي عهد ابروسيا آنذاك غليوم (٢) الثاني (١٨٥٩ ـ ١٩٤١) أثناء مأدبة العشاء التي أقامتها الأسرة المالكة ببلجيكا على شرفيهما ، كما جاء في رحلة الجعيدي (٣) دون أن يتطرق إلى تفاصيل هذا اللقاء كعادته في كل اللقاءات السياسية. غير أن التطورات السريعة للعلاقات المغربية الألمانية ، بعد عودة السفارة المغربية تجعلنا نربط بين الحدثين ونستنتج أن الزبيدي لعب دورا في إقناع ألمانيا القوية برغبة المغرب في تطوير علاقاته معها ، وهذا ما حدث بالفعل ، فبعد سبعة أشهر فقط من عودة الزبيدي إلى المغرب ، وفد على السلطان الحسن الأول بفاس السفير الألماني الجديد السيد تيودور ويبرTheodor Weber يوم ٧ ماي ١٨٧٧ م ، خلفا للقنصل السابق كوليش (٤) Gulich
__________________
(١) رحلة الجعيدي ، ص ٢١٤ ـ ٢١٥.
(٢) والده هو غليوم الأول (١٧٩٧ ـ ١٨٨٨) ملك ابروسيا ١٨٦١ م اتخذ بسمارك مستشارا ، وأنشأ جيشا قويا انتصر به على فرنسا ١٨٧٦ م ونودي به امبراطور ألمانيا سنة ١٨٧١ م. أما ابنه غليوم الثاني فأبعد بسمارك سنة ١٨٨٨ م وحكم بنفسه. زار طنجة ١٩٠٥ م معترفا باستقلالية سلطان المغرب ودخل الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ م ، وتنازل عن العرش بعد هزيمة ١٩١٨ م. (المنجد).
(٣) «.. ثم خرج كبير دولتهم من قبة أخرى ومعه ولد سلطان ابروصيا ، لأنه استدعاه لهذه الضيافة تعظيما وفرحا بالجانب الشريف ، فتقدم إلى الباشدور وظهر منه بسط وسرور ، وعرف به لولد السلطان المذكور ، فظهر منه أدب كبير ...». الرحلة.
(٤) كشفت حرب ١٨٧٠ م لبسمارك عن الأهمية السياسية والاستراتيجية للمغرب المجاور لفرنسا المحتلة للجزائر ، خاصة أن السلطان محمد بن عبد الرحمان أخذ موقف الحياد إزاء ذلك الصراع ، فاتخذ قرار فتح قنصلية بطنجة سنة ١٨٧٢ م لتمثيل ألمانيا لدى البلاط المغربي (التاريخ الدبلوماسي للمغرب ، المجلد العاشر ، تأليف عبد الهادي التازي سنة ١٩٨٩ م).