كقنوطي مرسى العدوتين ، والماء يجري أسفلهما ، وأحدهما فيه ماء قليل والآخر فيه ماء كثير يقرب من مبدأ القوس في غاية الصفا /٢٠٩/ وانتهينا في مسيرنا في البابور في تلك الساقية إلى قوس آخر ، بقربه فوق القوس حجر فيه كتابة بقلمهم منقوشة فيه ، ذكر لنا أن كبير دولتهم وضع تلك الحجرة بيده هناك. فطلعنا في درج من ذلك القوس حتى انتهيت بنا إلى وجه الأرض ، فحين خرجنا أطبق الباب على المحل الذي خرجنا منه ، وهو دائرة مقسومة بستة أقسام ، في كل قسمة لوحدة حديد فيها توريق ، وثقب فتنبسط على الفرجة التي خرجنا منها. ويقفلونها. وذكر لنا أن هذه الساقية طولها ثمانية عشر ميلا ، وأن كبير دولتهم الموجود الآن هو الذي أمر ببنائها على تلك الكيفية ، واشترى مواضع ، وديار من أربابها بثمن له بال ، وإن جملة ما صيره في بنائها وثمن البقاع ثلاثة وستون مليونا من الافرنك. وحين تم بناؤها باع البقاع الفاضلة التي حولها بثلاثة وخمسين مليونا من الافرنك. قبقيت الساقية في عشرة ملايين من الافرنك. وأن أولاد الملوك والأعيان من الدول يأتون إليهم بقصد الفرجة فيها والتعجب منها ، فلذلك طلب قائد البلد منا الإتيان إليه ليطلعنا عليها ، وهي لعمري من المباني العجيبة الأشكال الغريبة.
الطلوع للضيافة لدار كبير دولة البلجيق
ثم ركبنا الأكداش ورجعنا إلى محل المقام وفي الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة (١) طلعنا لدار كبير الدولة بعدما كان استدعانا لذلك في يوم الخميس. كل واحد بورقة تخصه. فطلع الباشدور والأمين وكاتبه معه ، ومعنا قائد المخازنية ، فوجدنا خواص عسكره بباب الدار /٢١٠/ وباسطوانها ، وكذلك في قببها ، حتى انتهينا إلى قبة فيها وزراء الدولة وأعيانها ، فتلقى وزير الأمور البرانية وعامل البلد الباشدور بالرح والترحيب ، وكذلك من هناك من ذكر ، ثم خرج كبير دولتهم من قبة أخرى ومعه
__________________
(١) ٧ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.