ومن جملة الهدايا التي رفعها ويبر إلى السلطان ماكينة تصنع الثلج ، التي تحدث عنها الجعيدي كثيرا في رحلته ، وفي أعقاب هذه السفارة توجه في نفس السنة الحاج العربي بريشة لاقتناء كمية من الأسلحة من معامل دار كروب KruPP الألمانية ، ثم أرسل السلطان سفارة مغربية إلى الإمبراطور غليوم الأول برئاسة قائد مدينة آسفي الطيبي ابن هيمة في ماي ١٨٧٨ م.
وكذلك أشير إلى الحوار الذي فتحه الزبيدي مع زعماء الطائفة اليهودية بالبلاد الأنجليزية ، والتي أقامت حفلا خاصا على شرفه ، والذي بقي مكانه فارغا في رحلة الجعيدي رغم إشارته في فهرسته إلى «إكرام بعض التجار للباشدور باللوندريز». وقد سلموا إليه (١) رسالة رفعوها إلى السلطان الحسن الأول تلفت فيها نظره إلى بعض المشاكل التي كان (٢) يعاني منها اليهود المغاربة. وتذكره بالظهير الذي أصدره سيدي محمد بن عبد الرحمان بعدما زاره السيد موسى حييم مونطيفيوري أحد زعماء اليهود ببريطانيا سنة ١٨٦٤ م.
وكختام للانطباعات السياسية الواردة في رحلة الجعيدي ، فإنها تعرفنا على التقاليد الدبلوماسية (٣) العريقة التي أتقن المغاربة فن ممارستها من أجل حسن المعاملة والذوق السليم والارتفاع بمستوى العلاقات الإنسانية الحضارية إلى مكانة رفيعة ، لأن حقيقة المهنة تتطلب من الممثل الدبلوماسي الناجح أن يكون فعالا. وينتظر منه الكثير من أجل البلاد التي يمثلها.
__________________
(١) الرسالة منشورة ب «الإتحاف» لابن زيدان ب ج ٢ : ٢٩٨ بتاريخ ٢٥ يوليوز سنة ١٨٧٦ م / الموافق ليوم الثلاثاء ٣ رجب سنة ١٢٩٣ ه.
(٢) كانت الصحافة الأوربية التي يشرف عليها اليهود تبالغ في تهويل حالة اليهود المغاربة ، كمثال على ذلك ما نشرته جريدة La Perseveronze بإيطاليا ، من قذف شديد اللهجة في حق السفير الزبيدي والمخزن المغربي بل طالبوا الحكومة الإيطالية بوقف أية مساعدة للمغرب ، غير أن الصحافة الإيطالية التابعة للحكومة ردت عليهم بعنف.
(٣) البروتوكول هو فن المعاملة مع الغير تحكمه مجموعة قواعد اكتسبتها الدبلوماسية المغربية وطورتها حسب التقاليد الإسلامية المغربية العريقة عبر قرون طويلة.