الفن الدالة (١) على السعادة الكبرى له في هذه الوجهة المباركة ، ولا يقال أن خروجه من حضرة فاس كان في أواخر الشهر المذكور ، وكان الهلال إذ ذاك مشرفا على الدخول تحت شعاع الشمس ، وذلك الوقت ينهي عنه أرباب ذلك الفن من الشروع في الأمور المهمة كالسفر والزواج وغيرهما لأنا نقول : ليس ذلك أي خروجه من فاس / ١٢ / خروجا حقيقيا إنما هو انتقال من محل لآخر على حسب مقتضيات هذه الوجهة السعيدة ، والخروج الحقيقي (٢) كان تقدم قبل ذلك في الحضرة العالية بالله بحمراء مراكش ـ حرسها الله ـ. ولا شك أن أفعال العقلاء مصونة عن العبث.
دخول الرئيس ومرافقيه لطنجة
رجع. وفي فاتح جمادى الأولى المذكور (٣) دخل للثغر المذكور الأمين الأمجد ، الحازم الضابط الأنجد ، الذي صلحت بفضل الله أحواله ونشأته ، وتميزت بمنه وكرمه مروءته وديانته ونجدته ، ذو الأيادي والإنعام ، ووافر الفضل والإكرام التاجر الطالب السيد بناصر غنام أصلح الله حاله وحالنا في سائر الأحوال ، وكان بجميعنا معينا وحافظا في الإقامة والارتحال ، مصاحبا له مقيده تولاه مولانا الكريم الرؤوف الرحيم. وحين أشرفنا على الدخول لطنجة أنهض الأمين المذكور فارسا كان معنا بكتاب
__________________
(١) يقصد علم المنجمين وغيره من العلوم التي تهتم بوصف الأجرام وأبعادها وحركاتها وكيفية رصدها ، ويستخدم كذلك في معرفة المستقبل ، وطبائع الأوقات من نحوس وسعود (دائرة المعارف ، المجلد ٧ : ٤٨١).
(٢) كانت الانطلاقة الأولى من مراكش سنة ١٢٩٢ ه ، مقتصرة على دولة فرنسا ، وقد أخبر بذلك القائم بأعمال فرنسا بطنجة من قبل النائب محمد بركاش في غشت عام ١٨٧٥ م «إلا أن بعض الحوادث قد أخرت تطبيق المشروع إذ لم يغادر مندوب السلطان مدينة طنجة إلا في السنة التالية عام ١٨٧٦ م».
ونحو أربع دول أوربية انطلاقا من مدينة فاس. (جاك كيلي ، السفارات والبعثات المغربية إلى فرنسا) ، مجلة Tamuda HesPeris-، العدد ٦ عام ١٩٦١ م.
(٣) ٢٥ ماي سنة ١٨٧٦ م.